Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
واعلم أن هذا من لوازم مشهد الإلهية، لكنه يكون في ذلك المشهد ضمنا وتبعا، وفي هذا الموطن تمحضا، وبالله التوفيق.
علامة مشهد الفردانية الدال على عظمة الذات وإكرامه، وهو مشهد مستقل بنفسه، يكون غالبا العبد فيه بعد الفناء في مقام البقاء وطوالعه ولوائحه قبل ذلك في موطن مشاهد الصفات المتقدمة، فيكون مقامه العام في الصفات، وحاله الخاص في طوالع مشهد الفردانية وإنما يتحقق العبد به بعد طهارته، وفناء خواطره بعد العبور على القبض المفني لبقايا العبد المطهر لأدرانه، فيورثه ذلك حالا يسمى عند الطائفة : حال التجلية، فتذهب أذكاره وأفكاره بذهاب وجوده الأول وفنائه، فلا يجد له قلبا يذكر به؛ لأنه خمدت نفسه على قلبه، وذابت أحكامها وصفاتها، وخمد قلبه على صفته، وذهب أحكامه وصفاته، وتجردت روحه عن عوالم النفس والعقل والقلب، فيبقى صاحبه فارغا عن كل شيء، حتى عن الأذكار والأفكار، وملاحظة الصفات، ثم يتعرف إليه المولى العزيز.
في أثناء ذلك يتجلى مستقلا بنفسه، وفيه يقال : عرف ربه به لا بسواه، له ثقل على الأرواح وهيمنة، فيلبس الوجود بثقله، ويلهب الأفئدة بلمعان أشعته، ويتفاوتون في ذلك، وهذا الذي يوجب الحب الخاص الذي فيه السكرات.
والمشاهد الأول يوجب الحب العام، فيتعرف سبحانه إلى عبده بجلاله وجماله فوق عرشه على مملكته، متفردا بفردانيته، متصفا بصفات الكمال في وحدانيته.
Page 145