Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
والمرجي بما أرجي به، فاسمعوا قصصي، وأطيعوا أمري، واتبعوا رسولي ، وأنا المنفرد بذاتي وعظمتي فوق سبع سماواتي ، مطلع على عبادي، أعلم سرهم ونجواهم، فاعبدوني ولا تشركوا بي شيئا.
وها أنا معكم فلا تروني عنكم بعيدا، وإنما بينكم وبين الآخرة حجاب يكشفه الموت فتروني عيانا، وتروا صدق وعيدي مما خوفتكم به، وحذرتكم إياه، وصدق وعدي مما رجوتكم إياه، ورغبتكم فيه، وشوقتكم إليه.
ففي أول الأمر تتجلى هذه المعاني أو بعضها على قلوب المتوجهين، فتشعر قلوبهم بحقائق هذه الأسرار، ويكاشفون بصرائح معانيها، ثم تتوارى عنهم بعض الأحيان، فمن دام له تجلي هذا المشهد في الذكر وفي غيره بواسطة عمل وبلا واسطة، فقد صار له مشهد الإلهية مقاما أقيم فيه، وله من المعرفة الكاملة على قدر ما رزق منها، واستقام علمه وعمله، وخلص الخشوع إلى قلبه، والمحبة الصفاتية إلى باطنه، واليقين الصحيح إلى سره.
ومثل هذا الذي يسمى الموقن، والإيقان نهاية التصديق، والإيمان علامة مشهد الربوبية التي مقتضاها القيومية أن يكاشف القدر، والقدر بواسطة التأمل والاعتبار في المصنوعات، فتتجلى له العظمة الإلهية، والقدرة الربوبية، والحكمة القدسية بواسطة هذا التأمل، متعرفا إلى قلوب أوليائه بواسطة ما ظهر من مصنوعاته ومبتدعاته بأني أنا الله لا إله إلا أنا الخالق، البارئ المصور ، الحي القيوم المدبر، خالق الخلق وباسط الرزق، أنا الذي ابتدعت العالم
Page 141