وغيره لم يذهب إلى أنه يثاب ويعاقب على الجميع على ما قال الإمام١ في البرهان٢ أن أبا هاشم اعترف بأن تارك الحلال لا يأثم إثم من ترك واجبات ومن أتى بها جميعها لم يثب ثواب واجبات لوقوع الامتثال بواحد.
وذكر صاحب تنقيح الأدلة فيه أن أبا على وأبا هاشم ومتابعيهما يعنون بوجوب الكل على التخيير أن الله أرادها جميعها لما فيها من المصلحة وكره ترك جميعها ولم يكره ترك واحدة إلى الأخرى.
وهو صريح في أنه لا يعاقب على ترك الجميع لقوله ولم يكره ترك واحدة إلى الأخرى وكذا قول عبد الجبار في عمد الأدلة.
وها هنا بحث محقق نافع ذكره ابن الحاجب وغيره في رد مذهب القائلين بأن الجميع واجب فقالوا: أحد الأشياء قدر مشترك بين الخصال كلها لصدقه على كل واحد منها وهو واحد لا تعدد فيه وانما التعدد في محله لان المتواطىء موضوع لمعنى واحد صادق على أفراد كالإنسان وليس موضوعا لمعان متعددة وإذا كان واحدا استحال فيه التخيير وانما التخيير في الخصوصيات وهى خصوص الإعتاق مثلا أو الكسوة أو الإطعام فالذي هو متعلق الوجوب لا تخيير فيه والذي هو متعلق التخيير لا وجوب فيه.
وإذا قلنا بالقول الصحيح الذي عليه الفقهاء والاشاعرة إذا أتى المكفر بالخصال معا فانه يثاب على كل واحد منها لكن ثواب الواجب أكثر من ثواب التطوع ولا يحصل إلا على واحد فقط وهو أعلاما إن تفاوتت لانه لو أقتصر عليه لحصل له ذلك فإضافة غيره إليه لا تنقصه وان تساوت قبل أحدها وان ترك الجميع عوقب على أقلها.
لأنه لو اقتصر عليه لاجزأه وذكر ذلك ابن التلمسانى في شرح المعالم وابن برهان.
وقال القاضى وغيره يأثم بقدر عقاب أدناها لا أنه يفسر عقاب أدناها.
_________
١ هو إمام الحرمين أبو المعالي الجويني.
٢ هو كتاب "البرهان في أصول الفقه" مطبوع الدوحة "١٣٩٩م" بتحقيق: عبد العظيم الديب.
1 / 98