الاستفاضة تجوز بغلبة الظن وفي غيرها قولان أخذا من قول الشيخ أبى محمد إن الظن يسمى علما. يؤيده أن لنا قولا في جواز الشهادة في غير الاستفاضة بغلبة الظن أن الشاهد إذا رأى خطه متيقنا له ولم يذكر الشهادة هل له أن يشهد أم لا في المسألة ثلاث روايات ثالثها يشهد إن كان في حفظه وحرزه وكذلك الخلاف في الحاكم.
ومنها: إذا وجد سماعه بخط يثق به وغلب على ظنه أنه سمعه جاز له أن يرويه قاله أكثر أصحابنا وغيرهم قال الإمام أحمد في رواية الحسين بن حسان١ في الرجل يكون له السماع مع الرجل فلا بأس أن يأخذ به بعد سنين إذا عرف الخط وقيل له فإذا عرف كتابة من يثق به فقال كل ذلك أرجو فإن الزيادة في الحديث لا تكاد تخفى لأن الأخبار مبنية على حسن الظن وغلبته.
ومنها: هل للوصي أن يوصى إذا لم يجعل إليه ذلك أم لا؟
في المسألة روايتان أشهرهما عدم الجواز قال الحارثي٢ ولو غلب على الظن أن القاضي يستند إلى من ليس أهلا أو أنه ظالم اتجه جواز الإيصاء قولا واحدا بل يجب لما فيه من حفظ الأمانة وصون المال عن التلف والضياع.
ومن المسائل التي يعمل فيها بغلبة الظن الحكم بالقرائن كاللقطة٣ والركاز٤ والبيع بالمعاطاة٥ والوقف بالفعل الدال عليه ودفع الثوب إلى القصار والخياط والدخول إلى الحمام من غير تقدير أجرة ولهم عادة بأجرة معينة وغير ذلك من الأفعال الدالة على الأقوال وهي كثيرة جدا.
_________
١ لعله الحسين بن إسحاق التستري انظر طبقات الحنابلة "١/١٤٢".
٢ هو شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثي ثم المصري قاضي القضاة [٦٧١ – ٧٣٢هـ] انظر ذيل طبقات الحنابلة "٢/٤٢٠" شذرات الذهب "٨/١٧٧".
٣ اللقطة: هو المال الضائع من صاحبه يلتقطه غيره المغني "٦/٣٢٨".
٤ الركاز: هو ما عثر عليه مدفونا في الأرض انظر المغني "٢/٦١٢ – ٦١٤".
٥ البيع بالمعاطاة: أن يقول الرجل لآخر: أعطني بهذا الدينار ختزا" فيعطيه ما يرضيه أو "خذ هذا الثوب بدينار" فيأخذه وهو بيع صحيح المغني "٤/٤٥٣".
1 / 27