تساءلت في هدوء: ما ذنبي أنا في ذلك؟ - أريد أن أعرف: ألا تزالين تعدينني معتديا؟ الأمر المؤكد أنني لا أستطيع أن أسيء إليك بحال، ولو تذكرت مودتي طوال الأعوام الماضية لاقتنعت برأيي دون عناء، دعيني أفصل لك الأمر بكل صراحة، لقد دعاني حسن سليم إلى مقابلته عقب الحديث الذي دار بيننا في الكشك.
فقاطعته فيما يشبه الرجاء: دعنا من هذا، إنه ماض انتهي.
وقعت الجملة الأخيرة من أذنه موقع النياحة من أذن الميت لو كان ميت يسمع، ثم قال بتأثر بدا في نبراته كالنغمة إذا هبطت من الجواب إلى القرار: انتهى! أعلم أنه انتهى، لكني أطمع في حسن الختام، لا أريد أن تذهبي وأنت تظنين بي الغدر، أو الغيبة، إنني بريء ويعز علي أن تسيئي الظن بشخص يكن لك كل إعزاز واحترام، فلا يجري لك ذكر على لسانه إلا مقرونا بكل ثناء.
ألقت عليه نظرة وهي تميل برأسها إلى الناحية الأخرى كأنما تداعبه قائلة: «من أين لك بهذه البلاغة كلها؟!» ثم قالت بشيء من الرقة: يبدو أنه وقع سوء تفاهم غير مقصود، ولكن ما فات فات.
بحماس وأمل: بل لا يزال في النفس شيء من الشك فيما أرى.
فقالت بتسليم: كلا، لا أنكر أني أسأت الظن حينا، ولكن تبين لي الحق بعد ذلك.
فطفا قلبه فوق موجة من السعادة ترنح فوقها كالثمل، ثم تساءل: متى عرفت ذلك؟ - منذ زمن غير قصير.
رنا إليها بامتنان، وعبرته حال من الوجد يحلو معها نوع من البكاء، ثم قال: عرفت أنني بريء؟ - نعم.
هل يسترد حسن سليم احترامه عن جدارة؟ - وكيف عرفت الحقيقة؟
فقالت بعجلة توحي بالرغبة في إنهاء التحقيق: عرفتها ... وهذا هو المهم.
Unknown page