Qanat Suways
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Genres
والتعاون في مشروع دفاع أكثر فائدة لمصر، فضلا عن أن ميثاق الأمم المتحدة يبيح الاتفاقات الإقليمية، وأن إنجلترا تحاول عقد اتفاق لضمان الأمن الإقليمي، واعتذر عن تأخير رد الحكومة البريطانية بأنه ناشئ من مشاغلها الكثيرة.
وأمام هذا وجد وزير الخارجية المصرية نفسه مضطرا لأن يلاحظ بأن مشاغل إنجلترا لن تنتهي، وأبان بأن المطالب المصرية مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، وهي مسألة مع ذلك تهم السلم العالمي، وأن الحكومة المصرية مضطرة بعد قليل إلى الإدلاء ببيان عن هذه المفاوضات للبرلمان.
وأن حكومة مصر تعتقد أن السياسة التي تتبعها بريطانيا في مصر والسودان منافية لميثاق الأمم المتحدة في نصه وروحه، فهي منافية لمبدأ المساواة في السيادة، ولمبدأ استقلال الدول الأعضاء وسيادتهم، وللمبدأ الذي يقضي بوجوب امتناع كل دولة عن المساس باستقلال غيرها من الدول الأعضاء أو بوحدة أراضيها، كما أنها تنافي قرار هيئة الأمم المتحدة بوجوب جلاء القوات الأجنبية عن أراضي الدولة المحتلة بغير رضاها، وأما المحالفات الإقليمية فهي في نظر الحكومة المصرية يجب أن تعقد بالرضى والاختيار، وأن مصر شعبا وحكومة لا ترغب في أي محالفة على أساس احتلال أراضيها والعبث بوحدتها.
ولقد توترت العلاقات بين إنجلترا ومصر من ناحية أخرى في صيف سنة 1951 نتيجة لإصرار مصر على عدم مرور السفن الناقلة للبترول خلال القناة إلى إسرائيل، وخاصة بعد حادث السفينة البريطانية إمباير روش، فاحتجت إنجلترا، وأعلنت أنها ستشكو مصر إلى مجلس الأمن، وأرسلت أربعة مدمرات إلى البحر الأحمر، وطالب بعض الأعضاء في البرلمان البريطاني الحكومة الإنجليزية بضرورة إرسال سفن حربية لحراسة السفن البريطانية أثناء مرورها بالقناة حتى لا تتعرض لها مصر، ورفضت الحكومة البريطانية اتباع رأي المحافظين بحماية ناقلات البترول؛ حتى لا تشجع المصريين على المطالبة بتأميم القناة، ولكنها التجأت إلى مجلس الأمن، وأمام هذا الموقف أعلن وزير الخارجية المصرية للسفير الأمريكي بأن النزاع على الملاحة في قناة السويس يمكن فضه بالوسائل الدبلوماسية، وأن إثارته في مجلس الأمن ستحدث قطيعة بين الدول الغربية.
لم تكن إذن مسألة الملاحة في القناة من العوامل للتقريب بين إنجلترا ومصر، وربما كان لها أثرها السيئ على العلاقات المصرية الإنجليزية.
وبينما الأمور سائرة في بطء شديد، ومصر تنتظر إجابة مرضية من بريطانيا على المقترحات التي قدمتها، إذ بوزير الخارجية البريطانية يعلن في مجلس العموم البريطاني في 30 يوليو 1951 تمسك الحكومة البريطانية بوجهة نظرها وبالدفاع المشترك بحجة الضرورات الدولية .
بسط مستر موريسون في بيانه سياسة الحكومة البريطانية تجاه الشرق الأوسط ومصر، وبين بوضوح لا مزيد عليه أن بريطانيا في هذه الظروف العالمية الحالية غير مستعدة لقبول وجهة النظر المصرية فيما يختص بجلاء القوات البريطانية عن قناة السويس، وفيما يختص بالدفاع عن مصر وعن الشرق الأوسط، وكان هذا الخطاب في الواقع ردا حاسما على المقترحات المصرية، وتبريرا لموقف إنجلترا إزاء هذه المقترحات.
يقول مستر موريسون:
فاليوم أصبحت كل الأمم أعضاء في مجموعة واحدة، ولا يمكن دعم مصالح أية دولة على حساب الحاجات والحقوق المشروعة لبقية الدول.
والصداقة القويمة والتعاون الوثيق بين مصر وبريطانيا يعدان من أحجار الزاوية في استقرار أمور الشرق الأوسط وسلامته، وقد حاولنا أن نقدر مركز مصر، ولكننا لم نجد استجابة لما أبديناه من صبر وإدراك، ولا نزال نواجه تصميما لا يلين على مطالب ليست لها أية علاقة بحقائق الموقف العالمي في الوقت الحاضر.
Unknown page