Qanat Suways
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Genres
ولذا ففكرة هندرسون - في مشروع معاهدة هندرسون-محمد محمود باشا - هي تحديد أمكنة القوات البريطانية بمنطقة قريبة من القناة، وبعيدة في نفس الوقت عن القاهرة والإسكندرية؛ أي بعيدة عن أنظار الشعب المصري، وبذلك انتهت الفكرة القديمة التي تمسكت بها بريطانيا مدة بأن مصر كلها حلقة في سلسلة المواصلات البريطانية إلى الهند والشرق الأقصى.
وأكدت الفكرة الجديدة التي تقول بأن الغرض من بقاء القوات البريطانية في مصر إنما هو حماية قناة السويس، كما حددت أماكن هذه القوات لا كما تختار الحكومة البريطانية، ولكن في أماكن خاصة تتفق عليها الدولتان.
ولذلك نص في مشروع هذه المعاهدة على ما يأتي: «لضمان حماية قناة السويس كوسيلة أساسية للمواصلات بين أجزاء الإمبراطورية البريطانية، يسمح جلالة ملك مصر لجلالة ملك إنجلترا بأن يضع في الأراضي المصرية في جهات اتفق عليها إلى شرقي خط 32 شرقا القوات التي يراها جلالة ملك بريطانيا لازمة لهذا الغرض، ووجود هذه القوات لا يعني احتلالا ولا يمس حقوق مصر في السيادة.»
ففي هذا المشروع - مشروع 13 أغسطس سنة 1929 - أكدت إنجلترا رسميا أهمية قناة السويس لمواصلاتها الإمبراطورية، وأعطت لنفسها حق الدفاع عنها، ولذا قررت أن تعسكر جنودها في منطقتها، ولقد أعلن مستر هندرسون في خطاب له في البرلمان الإنجليزي في 23 ديسمبر 1929 أن هذه المفاوضات هي امتداد لمفاوضات سنة 1927، واشترط مستر هندرسون أن يعرض ذلك المشروع على الشعب المصري، ووافق محمد محمود باشا على ذلك.
ثم جاءت وزارة الوفد إلى الحكم في أول يناير سنة 1930، لتستمر في المفاوضات مع وزارة العمال، ووصل النحاس باشا رئيس مجلس الوزراء، ومعه وزير خارجيته واصف غالي باشا إلى لندن في 26 مارس سنة 1930 في جو صفاء وود بين الحكومتين المصرية والبريطانية، وبدأت المفاوضات في 31 مارس.
وتناقش الطرفان طويلا في مسألة الدفاع عن قناة السويس، واقترح الجانب المصري وضع كل القوات البريطانية على الحافة الشرقية للقناة في بور فؤاد أو القنطرة، ولم يقبل المفاوضون الإنجليز وعلى رأسهم هندرسون ذلك الاقتراح.
ثم وافق الجانب المصري على تركيز القوات الإنجليزية بقرب الإسماعيلية، وتقصير أجل بقائها هناك من خمسة وعشرين عاما إلى عشرين عاما، ولقد استمرت المفاوضات إلى 5 مايو، وكاد يصل الطرفان إلى مشروع اتفاق ومعه ملحقات، ولكن هذا المشروع فشل نهائيا بسبب الاختلاف على مسألة السودان.
اشترط مشروع هذه الاتفاقية إنشاء تحالف بين الطرفين تأكيدا لصداقتهما وتفاهمهما الودي وعلاقتهما الطيبة، وفيما يختص بموضوع القناة نصت المادة التاسعة من هذا المشروع على ما يلي: نظرا لأن قناة السويس التي هي جزء لا يتجزأ من مصر، هي طريق عالمية، ووسيلة مهمة للمواصلات بين الأجزاء المختلفة للإمبراطورية البريطانية، فإلي الوقت الذي يتفق فيه الطرفان المتعاقدان على أن الجيش المصري أصبح في مركز يستطيع فيه بموارده حماية حرية وسلامة الملاحة في القناة، فإن جلالة ملك مصر يسمح لجلالة ملك بريطانيا بأن يضع قريبا من الإسماعيلية في المنطقة المحددة بالمذكرة الملحقة قوات لا يزيد عددها عن العدد المتفق عليه، وهدفها هو التعاون مع القوات المصرية في حماية القناة، ولنفس الغرض ينقل مركز القوات الجوية الملكية البريطانية من أبو قير إلى بور فؤاد، ووجود هذه القوات لا يعني احتلالا ولا يمس حقوق مصر في السيادة.
ومن المفهوم أنه في نهاية مدة العشرين سنة المبينة في مادة 14، إذا حدث خلاف بين الطرفين المتعاقدين على مسألة عدم لزوم بقاء القوات البريطانية؛ لأن الجيش المصري أصبح في حالة تمكنه بموارده من حماية حرية الملاحة في القناة، فيعرض هذا الخلاف على عصبة الأمم.
ومع ذلك فبعد انتهاء عشر سنوات من تنفيذ المعاهدة يصح أن تبدأ بموافقتهما المفاوضات لإجراء أي تعديل في المعاهدة.
Unknown page