Qanat Suways
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Genres
وبعد أن تم الاتفاق بين إسماعيل باشا والشركة، لم يجد الباب العالي - وخاصة بعد أن أصلح إسماعيل باشا علاقته به - بدا من الموافقة على الامتياز الممنوح لشركة قناة السويس، فأصبح مركزها بذلك قانوينا، ولم تعد إنجلترا بمستطيعة مهاجمة المشروع من هذه الناحية؛ وقوي مركز الشركة نتيجة لذلك، ووضع حد نهائي لمحاولة إنجلترا عرقلة المشروع.
ولولا تأييد كل من فرنسا والنمسا للمشروع، ولولا صبر فردنند دي لسبس ومثابرته، ولولا عطف إسماعيل باشا على المشروع، لنجحت محاولات إنجلترا في القضاء نهائيا على المشروع.
وافتتحت القناة في سنة 1869، وهنأ وزير الخارجية الإنجليزية لورد كلارندن دي لسبس، كما هنأ الشعب الفرنسي والحكومة الفرنسية، ومنحت الحكومة الإنجليزية دي لسبس النياشين، واستقبل في لندن استقبالا مشهودا.
الفصل الثالث
ديزريلي وقناة السويس
شراء إنجلترا لأسهم الخديو في القناة سنة 1875
ولما تم وصل البحرين الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، أصبحت قناة السويس التي توصل بينهما من أهم المجاري المائية البحرية في العالم، ولو أنها فصلت بين قارتين، آسيا وأفريقية، إلا أنها ربطت بين الشرق والغرب، وأحكمت الصلة بينهما، وأصبحت أقصر وأقرب طريق بين الدول الأوربية الإمبراطورية ومستعمراتها الشرقية.
وقدرت إنجلترا حق القدر قيمة مشروع القناة بالنسبة لها ولإمبراطوريتها وتجارتها وحياتها كأكبر دولة بحرية استعمارية ظهرت في العالم، فلقد قيض لها رجل من أنبغ أبناء فرنسا، جاهد طوال حياته ليخدم بطريقة غير مباشرة مصالحها المادية.
وتمتاز هذه الطريق الجديدة بأن بريطانيا تستطيع ببحريتها المتفوقة حماية تجارتها وسفنها، ومن الوقت الذي افتتحت فيه هذه الطريق أصبحت إلى حد كبير تحت رحمة القوة البحرية، تحت رحمة قوة بريطانيا البحرية، وخاصة بعد الكارثة السياسية والحربية الكبرى التي حلت بفرنسا في الحرب الفرنسية الألمانية سنة 1870.
وستصبح إنجلترا أولى الدول في المرور في القناة الجديدة، ولم تعد أهمية القناة في نظرها قاصرة على وقت السلم، بل كذلك في وقت الحرب، إذ أصبحت القناة الطريق الرئيسية لمرور السفن والقوات والمعدات الحربية البريطانية إلى شرقي أفريقية والشرقين الأوسط والأقصى وأستراليا ونيوزيلند. أصبحت القناة الطريق الرئيسية لمد نفوذ بريطانيا وسلطانها في شرقي العالم وفي آسيا، وخاصة في وقت بدأ يطغى فيه الإمبريالزم والاستعمار على عقول الناس في إنجلترا وفي غرب أوروبا.
Unknown page