كل دين، وكل مجتمع لا يتخذ من الإيمان بخلود النفس أساسا له، لا يمكن الحفاظ عليه إلا بعناية إلهية غير عادية؛ الدين اليهودي لم يتخذ من الإيمان بخلود النفس أساسا؛ لذا فالدين اليهودي حفظ بعناية إلهية فائقة.
القياس الثاني:
كل المشرعين القدماء قالوا إن دينا لا يعلم خلود النفس لا يمكن أن يحفظ إلا بعناية إلهية فائقة. أسس موسى دينا لا يعتمد على خلود النفس؛ ومن ثم آمن موسى بأن دينه محفوظ بعناية إلهية غير عادية.»
ما هو غير عادي بقدر أكبر بكثير هو زعم واربيرتون الذي كتبه بحروف كبيرة في بداية كتابه. كثيرا ما انتقد بسبب طيشه المتطرف وإيمانه السيئ اللذين يجرؤ بهما على القول إن المشرعين القدماء كافة آمنوا بأن الدين الذي لا يؤسس على العقوبات والمكافآت بعد الموت لا يمكن أن يحفظ إلا بعناية إلهية غير عادية، ولم يقل أحدهم ذلك قط. لم يكلف نفسه حتى عناء أن يعطي مثالا لذلك في كتابه الضخم المحشو بعدد هائل من الاقتباسات الغريبة جميعها عن موضوعه. لقد دفن نفسه تحت كومة من المؤلفين اليونانيين واللاتينيين، القدماء والمحدثين؛ خوفا من أن يكشف أحد حقيقته على الجانب الآخر من كومة هائلة من الأظرف. وحينما سبر النقد الغور أخيرا بعث من بين كل هؤلاء الموتى ليحمل كل خصومه بالإهانات.
صحيح أنه قرب نهاية المجلد الرابع، وبعد أن مضى عبر مائة متاهة، وقاتل ضد جميع من التقاهم على الطريق، يصل أخيرا إلى سؤاله العظيم الذي تركه هناك. ويلقي كل اللوم على سفر أيوب الذي يمر بين الدارسين وكأنه كتاب عربي، ويحاول أن يثبت أن أيوب لم يؤمن بخلود النفس. بعد ذلك يشرح بطريقته كل نصوص الكتب المقدسة التي حاول الناس باستخدامها مناهضة هذا الرأي.
كل ما يمكن للمرء أن يقوله عن ذلك هو أنه إن كان مصيبا، فلم يكن ينبغي لأسقف أن يكون مصيبا بهذه الطريقة. كان يجب عليه أن يشعر أنه ربما يستمد المرء استدلالات خطيرة؛ لكن كل شيء في هذا العالم هو فوضى من التناقض . هذا الرجل الذي أصبح متهما ومضطهدا، لم يرشم أسقفا بوكالة من رعاية الدولة إلا حالما فرغ من كتابة هذا الكتاب.
لو كان في سالامانكا، أو قلمرية، أو روما لأجبر على التراجع وطلب العفو. أما في إنجلترا، فقد أصبح نبيلا في منطقة يبلغ دخلها مائة ألف ليرة. كان ذلك كافيا ليعدل مناهجه. (6) القسم السادس
عن الحاجة إلى الوحي
أعظم فائدة ندين بها للعهد الجديد هي أنه كشف لنا عن خلود النفس؛ لذلك كان من العبث أن يحاول هذا الأخ واربيرتون إخفاء هذه الحقيقة المهمة بزعمه المستمر خلال استخدامه موسى في نقل أفكاره أن «اليهود القدماء لم يعرفوا شيئا عن هذه العقيدة المهمة، وأن الصدوقيين لم يقروا بها في وقت سيدنا يسوع.»
وهو يؤول بطريقته الكلمات الحقيقية التي وضعت في فم يسوع المسيح: «أما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل: أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب؟ ليس الله إله أموات بل إله أحياء.» (متى 22: 31، 32). إنه يعطي لعبرة الرجل الغني الشرير معنى مناقضا لكل تعاليم الكنيسة. وفند رأيه شيرلوك، أسقف لندن، وعشرون عالما آخر. بل إن الفلاسفة الإنجليز لاموه على فضيحة أسقف أنجليكاني أعلن عن رأي مناقض لرأي الكنيسة الأنجليكانية. وبعد ذلك يقرر هذا الرجل أن يعامل هؤلاء الأشخاص على أنهم مزدرون بالمقدسات، مثل شخصية أرلكوين في كوميديا «لص البيوت» الذي يرى بعد أن رمى الأثاث من النافذة رجلا يحمل بعضا منه؛ فيصرخ بكل قوته: «أوقفوا اللص!»
Unknown page