Qamus Cadat Wa Taqalid Wa Tacabir Misriyya
قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية
Genres
هذا موجز مختصر جدا لقصة طويلة تقرأ في أيام نتبين منها أن حوادث القصة حدثت بين البدو من الأعراب وأن أرضها كانت بين بلاد العرب (من السرو في اليمن إلى نجد في الحجاز) وبين بلاد المغرب من تونس وما حولها، ولم تدخل مصر في هذه الحوادث إلا من ناحية أن الهلاليين أقام بعضهم فيها سنين ثم رحل أكثرهم إلى المغرب.
ولكن القصة كان لها شأن كبير في مصر، فقد أعجب بها الشعب المصري؛ لأنها مكتوبة بلغة شعبية، ولأن حوادثها بدوية ساذجة، ولأنها تشتمل على بطولة من نوع خيالي أشبه ببطولة الجن، ولأن فيها حبا لطيفا بسيطا تضحي في سبيله الأفراد والقبائل، لهذا كله كانت القصة محبوبة إلى الشعب المصري، فإلى القريب كان في كل حي رجل يطلقون عليه اسم (الشاعر) وكان في حارتنا بالمنشية رجل اسمه «أحمد الشاعر» كان يخرج بعد العشاء إلى القهوة من داره فتتخذ له منصة عالية يجلس عليها وحوله المستمعون، ويخرج القصة من منديل لفها به، ويأخذ فنجان القهوة، ويبدأ في قراءة قصة أبي زيد، والناس يصغون إلى الحوادث باهتمام وكثير منهم يدخن «التنباك» في الجوزة وصبي القهوة يجيء ويذهب للمستمعين؛ هذا بتعميرة وهذا بقهوة «سادة» وهذا بقهوة بسكر، والمستمعون يختلفون في ميولهم، فمنهم من يتعصب لأبي زيد ومنهم من يتعصب لدياب، وقد يقوم النزاع والسباب والضرب بين الفريقين فإذا جاءت ليلة سينتصر فيها أبو زيد عمل أنصاره «فرحا» في القهوة فزينوها واستعدوا لها، وإذا جاءت ليلة سينتصر فيها دياب فعل أنصاره كذلك، ولا يزال الشاعر يقرأ وهم يصغون إلى قرب الفجر ثم ينصرفون إلى بيوتهم وأنصار أبي زيد فرحون إذا انتصر، مهمومون إذا انكسر، وكذلك أنصار دياب.
فكانت هذه القصة تقوم مقام السينما والتمثيل في أيامنا هذه، وكان الشيخ أحمد الشاعر يلقي القصة إلقاء حسنا، يتحمس في مواقف الحماسة، ويترنم في القصائد.
وظلت هذه القصص تتداول في مصر قرونا طويلة، وقد قرأها ابن خلدون في القرن الثامن الهجري وأعجب بها وببلاغتها، ونقد الناس الذين لا يرون البلاغة إلا فيما كان جاريا على قواعد النحو والصرف فقال في الجزء السادس من تاريخه بعد أن وصف بلاغتها وجودة أشعارها «إلا أن الخاصة من أهل العلم يزهدون في روايتها ويستنكفون منها لما فيها من خلل في الإعراب، ويحسبون أن الإعراب هو أصل البلاغة وليس كذلك.»
ولم يفت ابن خلدون أن القصة لها أصل تاريخي، ولكنه زيد عليه وأدخل فيه كثير من الحوادث المصنوعة والأخبار التي لا يوثق فيها.
ومهما كان فالقصة لها أثر حميد في الأوساط الشعبية المصرية في العصور السوداء التي اجتازوها، فقد كانت سمرا لذيذا في ليلهم وحديثا طريفا في نهارهم، وكانت تبعث فيهم الغزل اللطيف والحماسة الحارة والعصبية للأبطال، وكانت سلوة لمن لا يحسنون القراءة فيستمعون لنوع من الثقافة طريف.
وآسف أشد الأسف؛ لأن هذه العادة امحت أو هي على وشك الامحاء، ولو رقيت وهذبت واستمر القراء يقرؤون في المقاهي قصة أبي زيد وغيرها من القصص لكانت ضربا من نشر الثقافة جميلا مفيدا.
أبو لسان زفر:
تعبير يعني هجاء شرير كثير السب.
ابعد عن الشر وغني له:
Unknown page