أرض إلا من هذه الأجساد
قيل: إن في السومريين يجتمع العنصران الآري والسامي. وقيل: إنهم آريون أصلا، جاءوا من الشرق وتوطنوا جنوبي العراق في سني الألف الرابعة قبل المسيح، ثم جاء الأكاديون (العقاديون) فتغلبوا على السومريين في عهد الدولة الثالثة، فأسسوا الدولة الأكادية، وجعلوا حاضرتها مدينة لاغاس القريبة من أور.
وبعد ذلك جاء شعب من الجبال، شعب متغلب فاتح، هو الشعب العيلامي الآري، فأسس مملكة في قلب العراق، عاصمتها إشنونا أو إشنوناك على مسافة عشرين ميلا شرقي بغداد، في المكان الذي يدعى اليوم تل عمر.
وفي تل عمر بعثة أميركية موفقة في حفرياتها وغنائها. أما الحفريات فقد أضاءت شيئا من تاريخ تلك الناحية، منذ سقوط الدولة الثالثة الأورية إلى سقوط إشنونا.
ليس في هذه الدولة غير ملك واحد من الملوك الفاتحين على ما يظهر، هو كيريكي ملك عيلام الذي أسس إشنونا واستولى على أور. أما ابنه الذي تولى الملك بعده، فقد حاول أن يبسط سيادة عيلام على البلاد السومرية كلها، فصده عن ذلك العموريون الساميون الذين زحفوا على بابل من لبنان الشرقي، وكانوا في ذلك العهد من الغزاة الصائلين المتغلبين. فحمل عليهم ملك عيلام وما كان موفقا في حملته، فعقد وإياهم صلحا غريبا فريدا في بابه.
آثار أور (تصوير الدورادو).
قال بيلالاما ابن الملك كيريكي إلى أولئك الغزاة العموريين: لا بأس بأن تغزوا في البلاد على شرط واحد - لكم الغنائم ولنا الأرض.
فلا عجب إذا كان عهد عيلام قصيرا في العراق، فقد دخلوا مثل غيرهم من الشعوب في حوزة الملك الآشوري السامي، الملك الأكبر حمورابي (2067-2025ق.م).
وفي هذا العهد من التاريخ؛ أي منذ سقوط الدولة الأورية الثالثة (2170ق.م) إلى أن دخلت إشنونا في الدولة البابلية الكبرى، تطورت عيلام تطورا جديدا في حياتها الاجتماعية، فقد اكتشف الأثريون الأميركيون مخطوطات في القصر تدل على أن إشنونا كانت على اتصال في تجارتها بآسيا الوسطى، وأن في حضارتها أثرا لمدنية الهند، فالنفوذ الهندي في العراق يرجع إذن إلى القرن الواحد والعشرين قبل المسيح.
ولكنه ضئيل بالنسبة إلى النفوذ السومري. فإن الشعوب السامية كلها - العقاديين والعموريين والآشوريين - أخذوا عن السومريين دينهم، أو في الأقل معظم طقوسهم، كما أسلفت البيان، وكانوا على الإجمال مقلدين لهم مقتبسين من أنوارهم.
Unknown page