وبعد ذلك أطلق نابشتيم طيرا من الحمام، وترك سفينته على رأس الجبل، وقدم ذبيحة للآلهة.
هذه هي قصة الطوفان السومرية. وإن رمال الخليج دليل على ما جاء في ملحمة كلكميش، كما يقول الأستاذ وولي. وهناك دليل آخر في الخزف المدهون الذي وجدوه تحت أكوام الرمال وفوقها.
ومن كلكميش إلى كاتب سفر التكوين - من يعرف الصلة والسبيل؟ من ذا الذي يستطيع أن يقول: إن أوتا نابشتيم هو نوح أو غير نوح؟ أو إن موسى قرأ ترجمة كلدانية لملحمة كلكميش؟
أما أن لنوح آثارا في هذه الديار فأهل الكوفة والنجف اليوم يعرفون. أن في الصحن الفسيح لمسجد الإمام علي بالكوفة حوضا جافا، أو مكانا مجوفا، إذا ما سأل الزائر عنه أحد الكوفيين قال له: هو المكان الذي بنى فيه سيدنا نوح فلكه قبل الطوفان. وإذا ما زرت النجف - أيها القارئ - وكنت من المؤمنين الجعفريين، ودخلت الحضرة، فعليك أن تلقي هذا السلام: السلام عليك يا علي وعلى ضجيعيك آدم ونوح.
إذن لقد صنع نوح فلكه ها هنا في الكوفة، ولقد دفن بعد ذلك مع علي في جواره المبارك. والكوفة هي على شاطئ النهر مثل أور، وقد كانت في الماضي بين سومر وبابل. فمن أين جاءت هذه الأساطير - أساطير نوح والفلك؟ - وما علاقتها بملحمة كلكميش وسفينة نابشتيم؟ إن موضوعنا - لسوء الحظ - لا يتسع لهذا البحث.
لنعد إذن إلى أور، فقد اكتشف الأثريون في كيش، وفي خفاجي ما يثبت بعض اكتشافات البعثة الكبرى. ومهما تنوعت آثار الطبقات المختلفة فإن هناك، في كل مكان وزمان، الرمز الأكبر، الرمز السومري المجسم في الهيكل، وفي ما هو أجمل بناء من الهيكل؛ أي ذلك البناء الشامل الهرمي الذي يدعى زقرة، وهو مدرج مؤلف من سبع طبقات، كل طبقة أوسع مما فوقها، كما هو ال «باغودا» عند البوذيين. وقد بنى أحد ملوك سومر زقرة عصماء، طليت طبقاتها العليا بالفضة والذهب.
كانت الزقرة معروفة في كل دولة من الدول السومرية الثلاث، وأمست كلها تحت الأرض، سليمة ومتهدمة، الواحدة فوق الأخرى. فعندما وصل الأثريون إلى زقرات الدولة الثالثة، واستمروا في الحفر عثروا على بقايا زقرات الدولة الثانية، وتحتها في الطبقة الثالثة بدت لهم أسس زقرات الدولة الأولى وقصورها وهياكلها. تلول تحت تلول، وقصور تحت قصور، ومدن مدفونة تحت المدن، وفوقها مدن اختلطت عظامها بعظام من دفنوا تحتها.
ودفين على بقايا دفين
في طويل الأزمان والآباد
خفف الوطأ ما أظن أديم ال
Unknown page