فما بها من بني اللخناء إنسان
فبنوا الأحرار عندهم العجم، وبنوا اللخناء عندهم العرب؛ لأنهم من ولد هاجر وهي أمة. وقد غلطوا في هذا التأويل، وليس كل أمة يقال لها اللخناء، إنما اللخناء من الإماء الممتهنة في رعي الإبل وسقيها وجمع الحطب، وإنما أخذ من اللخن وهو نتن الريح، يقال: لخن السقاء إذا تغير ريحه، فأما مثل هاجر التي طهرها الله من كل دنس، وارتضاها للخليل فراشا، وللطيبين إسماعيل ومحمد أما، وجعلهما سلالة، فهل يجوز لملحد فضلا عن مسلم أن يسميها اللخناء؟!
قال بعض من يرى رأي الشعوبية فيما يرد به على ابن قتيبة في تباين الناس وتفاضلهم، والسيد منهم والمسود: إننا نحن لا ننكر تباين الناس ولا تفاضلهم، ولا السيد منهم والمسود، والشريف والمشروف، ولكنا نزعم أن تفاضل الناس فيما بينهم ليس بآبائهم ولا بأحسابهم، ولكنه بأفعالهم وأخلاقهم، وشرف أنفسهم وبعد هممهم، ألا ترى أنه من كان دنيء الهمة ساقط المروءة لم يشرف، وإن كان من بني هاشم في ذؤابتها، ومن أمية في أرومتها، ومن قيس في أشرف بطن منها، إنما الكريم من كرمت أفعاله، والشريف من شرفت همته، وهو معنى حديث النبي
صلى الله عليه وسلم : «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»، وقوله في قيس بن عاصم: «هذا سيد أهل الوبر»، إنما قال فيه لسؤدده في قومه بالذب عن حريمهم وبذله رفده لهم، ألا ترى أن عامر بن الطفيل كان في أشرف بطن في قيس يقول:
وإني وإن كنت ابن سيد عامر
وفارسها المشهور في كل مركب
فما سودتني عامر عن وراثة
أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها وأتقي
أذاها وأرمي من رماها بمنكب
Unknown page