Qadim Wa Hadith

Kurd Cali d. 1372 AH
135

Qadim Wa Hadith

القديم والحديث

Genres

أنت علمت الخلق بأن القليل مع العقل يستفاد منه أكثر من الجزيل بدونه، وأن وفرة المال والعقار لا تكون من السعادة في شيء، إذا لم تسبقها نفس مهذبة بالآداب والفضيلة، وعقل يحسن التصرف بما يملك.

من لي بنظرة منك لترى ما حل بالعرب اليوم من التمزيق والتفريق، والفساد في المعاش والمعاد، والجهل المطبق، وضعف العقول، رئم أخلاف من حكمت للمذلة، وخنعوا للاستبداد، وتفرقوا تحت كل كوكب، فرثى لهم الصديق، وشمت بهم العدو، وخانهم الدهر فاستخذوا، وكل ذلك بما فعله سفهاء الأحلام من أمرائهم وعلمائهم إنهم كانوا ظالمين .

قم وانظر، فقد بدلت الأرض غير الأرض بعد عصرك: اخترع الإفرنج في زماننا البخار والكهرباء، ووفروا مرافق الحياة، وقربوا الأبعاد، وحسنوا العيش، أما قومك فليس لهم من مدنية القرون الأخيرة إلا النظر، وزادوا على جهلهم فسادا في أخلاقهم، بحيث لم يبق لهم من المجد إلا أن يعودوا إلى صحيفة أجدادهم، ويفاخروا بما تم على أيدي أمثالك، كالقرعاء تفخر بشعر أمها، أو العجوز الشوهاء لا تفتأ تذكر ماضي شبابها.

قالوا: إن نظام الحكومات بعد أيامك ارتقى، وأنكم كنتم في عصر تقل فيه القوانين الوضعية، وكان أكثر العمل بالقوانين السماوية، فمن لنا بعصرك، فإن القوانين الوضعية ارتقت، ولكن عند غيرنا من أهل الغرب، والقوانين السماوية أعرضنا عنها إلا قليلا، فلم نحسن تقليد المقننين المحدثين، ولا احتفظنا بتراث الأقدمين، فكنا كالعقعق أراد أن يمشي كالحجل، فنسي مشيته ولم يمش مثله، بل كنا من الأخسرين أعمالا.

ألا عطفة من نظراتك الرشيدة أيها الكريم، تنظر أمتك الآن إلى الانقراض أقرب منها إلى البقاء: كل يوم تصغر رقعة بلادها، ويتحيفها الخراب، وينقصها من أطرافها، تحاول تقليد الراقين من الأمم، فلا نراها تستطيع إلا تقليدها في الموبقات والشرور، لا في مقومات الحضارة وأساليب النهوض.

رحماك أبا الفدا، إن أمثالك أنفقوا أموالهم وأموال الأمة في شهواتهم على المغنين والمغنيات، والكواعب الغانيات، وأنت أنفقتها على العلم والعلماء، إنهم إذا كانوا جهلة أغبياء فقد كنت العالم المؤرخ الجغرافي الطبيب الحكيم الفلكي، ومصنفاتك شاهدة لك على غابر الدهر، بأنك عالم الملوك وملك العلماء، خلد أضرابك بسيرتهم صيت بطش وفتك، وقطع وقت في العبث، وأنت أقمت نصاب العدل على من وليت أمرهم، فكانت أيامك رياض الأزمنة وبهجة العصور، فجزاك الله عن أمتك أجزل ما يجازي ملكا صالحا عن رعيته، وعالما عاملا يخدم الناس بعمله وفضيلته. ا.ه.

نحن والمسكرات1

صرنا إلى زمان لو قلنا لحكومتنا: إن الطريقة الفلانية في الحكم أو منهج كذا في القضاء والإدارة لا توافق بلادنا، ولا تنطبق مع عاداتنا، وشرعنا هزت رأسها، وأعرضت عنا إعراضا، وصرنا إلى زمان لو قلت لأكثر أهل الطبقة العليا والوسطى من قومنا قال الله وقال الرسول رأيتهم ينأون عنك، ويصدون صدودا.

فلعل الحاكم والمحكوم عليه إذا أتيتهما بكلام جديد، قاله غيرنا يلقيان إليك بالأسماع، وتلين لمقالك القلوب والطباع، قال بنتام المتشرع الإنكليزي (1748-1832) في كتابه أصول الشرائع: «الخمر في الأقاليم الشمالية يجعل المرء كالأبله، وفي الأقاليم الجنوبية يصبح به كالمجنون، ففي الأولى يكتفى بالمعاقبة على السكر؛ لأنه عمل فظيع، وفي الثانية يجب منعه بطرق أشد؛ لأنه أشبه «بالتشرر». ولقد حرمت ديانة محمد

صلى الله عليه وسلم

Unknown page