سببًا لعدم أصلا، ولا مسببًا عنه، ولا فاعلًا له ولا مفعولًا، أما كونه ليس مسببًا عنه ولا مفعولًا له فظاهر، وأما كونه ليس سببًا له، فإن كان سببًا لعدم محض فالعدم المحض لا يفتقر إلى سبب موجود، وإن كان لعدم فيه وجود فذاك الوجود لابد له من سبب، ولو كان سببه تامًا وهو قابل لما دخل فيه عدم؛ فإنه إذا كان السبب تامًا والمحل قابلا، وجب وجود المسبب، فحيث كان فيه عدم فلعدم ما فى السبب أو فى المحل فلا يكون وجودًا محضًا.
فظهر أن السبب حيث تخلف حكمه إن كان لفوات شرط فهو عدم، وإن كان لوجود مانع فإنما صار مانعًا لضعف السبب، وهو أيضًا عدم قوته وكماله، فظهر أن الوجود ليس سبب العدم المحض، وظهر بذلك القسمة الرباعية، وهى أن الوجود المحض لا يكون إلا خيرًا.
يبين ذلك أن كل شرٍّ فى العالم لا يخرج عن قسمين: إما ألم وإما سبب الألم، وسبب الألم مثل الأفعال السيئة المقتضية للعذاب، والألم الموجود لا يكون إلا لنوع عدم، فكما يكون سببه تفرق الاتصال؛ وتفرق الاتصال هو عدم التأليف والاتصال الذى بينهما، وهو الشر والفساد.
وأما سبب الألم، فقد قررت فى قاعدة كبيرة: أن أصل
1 / 83