Qacida Cazima Fi Farq

Ibn Taymiyyat d. 728 AH
49

Qacida Cazima Fi Farq

قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق

Investigator

سليمان بن صالح الغصن

Publisher

دار العاصمة

Edition Number

الثانية ١٤١٨هـ / ١٩٩٧م

Publisher Location

الرياض

Genres

مكروهٌ، أو مباحٌ؟ ولم يتنازعوا في السّفر إليها أنه ليس بمستحب، فإن المسافر إليها إنما يسافر لفعل ما هو منهي عنه من الشرك وغيره، ولهذا يسمونه حجًّا إليها، لا يسافر أحدٌ لمجرد الدعاء للميت، وإن قدّر أنه سافر لذلك فلا تقوم فضيلة الدعاء عند القبر بكلفة السفر الذي هو قطعة من العذاب، تفوت معه مصالح أنفع من ذلك، وهو /٢٠ب/ مظنة المفسدة. بخلاف المساجد، فإن المسلمين متفقون على أنه يشرعُ إتيانُ المساجد من المكان القريب، وإتيانها إما فرض عين، وإما فرض كفاية، أو (١) مستحب، إذا كان يأتيها للعبادة الشرعية، كالصلاة المشروعة فيها، والاعتكاف، والقراءة، وتعلم العلم، وتعليمه، ومع هذا فلا يُشرع السفر إليها، بل الأئمة الأربعة وجمهور العلماء متفقون على أنه لو نذر السّفر إليها لم يوف بنذره؛ لأن في الصحيحين عنه ﷺ أنه قال: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى (٢)» . حتى نص عامة العلماء على أنه لو نذر السفر إلى مسجد قباء، لم يوف بنذره، وهذا مذهب الأئمة الأربعة، وأتباعهم، لكن فيه نزاع شاذ في مذهب مالك؛ لأنه نهى عن السفر إلى غير المساجد (٣) الثلاثة، وإنما يستحب إتيانه من قريب، مثل أن يكون بالمدينة، فيذهب إليه، كما ثبت في الصحيح عن ابن عمر: أن النبي ﷺ كان يأتي قباء كل سبت راكبًا، وماشيًا. وكان يقوم في مسجده يوم الجمعة، ويقوم في قباء يوم السبت؛ لقوله تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾

(١) في خ٢: (وإما) . (٢) في خ٢: (والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) . (٣) (المساجد) ليست في خ٢.

1 / 62