أن الخطايا لا تفوح (5) القرود تصور
حقا إن أميركا هي بلاد العجائب والغرائب، فلم تنته مشكلة الأميركان مع العبيد السود حتى نبتت لهم مشكلة مع القرود، فهذه القردة «بيتسي» التي رسمت لوحات زيتية تجريدية تثير الأوساط الفنية الأميركية، فيبرق الفنان الكبير شارلي موديكي ويهدد بسحب لوحاته من المعرض الذي تقيمه جامعه كاليفورنيا في 29 حزيران القادم، إذا أصرت إدارة المعرض على عرض لوحات القردة بيتسي. وهذا نص برقيته، نقلا عن جريدة الحياة، التي جاءها النبأ من بييركلي في الولايات المتحدة:
إننا لا نسمح لقردة بأن تجعلنا قرودا. فإما موديكي أو بيتسي وعليكم أن تختاروا حالا.
كان الإنسان يزدهي على ذوات الأربع ويفتخر أنه يمشي على رجلين ثنتين. كان يميز نفسه، أولا، بأنه حيوان ناطق، ثم رأى الببغاء تنطق فعدل عن هذا التعبير. الحمد لله على أنه لم يقل الإنسان حيوان مصور، وهو لو فعل لاضطر إلى تحديد جديد يميز نفسه به من أخيه الحيوان، ولكن هيهات ... لأنه حيوان أرقى من إخوته المتخلفين ليس أكثر.
عندما كنت صبيا قرأت في مجلة المقتطف خبر الحصان الذي يحسب، فأسرعت أبشر جدي، فكان الجواب: رح من وجهي، وهز العصا، فهربت.
أما حان للناس أن يفكروا ويتركوا العنصرية واللون؟ فكل إنسان يحكي وليس كل إنسان يصور. فهذه القردة سبقت عموم البشر أشواطا. الإنسان تكلم قبل أن يصور، أما هي فصورت، وبالألوان الزيتية، ولعلها فضلت العمل بقول شاعرنا العربي:
الصمت زين والسكوت سلامة
ما أكثر المشاكل التي تنتظر من أيزنهاور حلا! فليفكر بمشروع جديد ...
عندما أفكر بما رأيت من أعاجيب يقف شعر رأسي، كنت كثيرا ما أتمنى لو كان أجل مجيئي إلى العام الألفين.
عندما كان حساب نهاية الخلق عندي بالألفين، كما كان يقول جدي الآخر، كنت أشكر ربي وأسأله ألا تقوم القيامة قبل حلول ذاك الموعد، وكنت كلما قامت أمة على أمة، ومملكة على مملكة، أنتظر قيام الساعة، أما حين صار حساب الخلق بمئات ألوف السنين بل بالملايين فصرت أتأسف على مجيئي في الموعد الذي جئت فيه.
Unknown page