Taqrīb fatāwā Ibn Taymiyya
تقريب فتاوى ابن تيمية
Publisher
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٤١ هـ
Publisher Location
السعودية
Genres
حُضُورِهِمْ لِمَوْعِدِ الِاجْتِمَاعِ، فَاسْتَخَرْت اللهَ تَعَالَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَاسْتَعَنْته وَاسْتَنْصَرْته وَاسْتَهْدَيْته وَسَلَكْت سَبِيلَ عِبَادِ اللهِ فِي مِثْل هَذِهِ الْمَسَالِكِ، حَتَى أُلْقِيَ فِي قَلْبِي أَنْ أَدْخُلَ النَّارَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهَا تَكُونُ بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى مَن اتَّبَعَ مِلَّةَ الْخَلِيلِ (^١)، وَأَنَّهَا تُحْرِقُ أَشْبَاهَ الصَّابِئَةِ أَهْلِ الْخُرُوج عَن هَذِهِ السَّبِيلِ.
وَكَانُوا لِفَرْطِ انْتِشَارِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَاسْتِحْوَاذِهِمْ عَلَى الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْأَجْنَادِ لِخَفَاءِ نُورِ الْإِسْلَامِ وَاسْتِبْدَالِ أَكْثَرِ النَّاسِ بِالنُّورِ الظَّلَامَ، وَطُمُوسِ آثَارِ الرَّسُولِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْصَارِ وَدُرُوسِ حَقِيقَةِ الْإِسْلَامِ فِي دَوْلَةِ التَّتَارِ لَهُم فِي الْقُلُوبِ مَوْقِعٌ هَائِلٌ وَلَهُم فِيهِمْ مِن الِاعْتِقَادِ مَا لَا يَزُولُ بِقَوْلِ قَائِلٍ.
قَالَ الْمُخْبِرُ: فَغَدَا أُولَئِكَ الْأُمَرَاءُ الْأَكَابِرُ وَخَاطَبُوا فِيهِمْ نَائِبَ السُّلْطَانِ بِتَعْظِيمِ أَمْرِهِمْ.
قُلْت لِلْأَمِيرِ: وَأَنَا قَد اسْتَخَرْت اللهَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُم إنْ دَخَلُوا النَّارَ أدْخُلُ أَنَا وَهُمْ، وَمَن احْتَرَقَ مِنَّا وَمِنْهُم فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَكَانَ مَغْلُوبًا، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ نَغْسِلَ جُسُومَنَا بِالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ.
فَقَالَ الْأَمِيرُ وَلمَ ذَاكَ؟
قُلْت: لِأنَّهُم يَطْلُونَ جُسُومَهُم بِأَدْوِيَة يَصْنَعُونَهَا مِن دُهْنِ الضَّفَادِع وَبَاطِنِ قِشْرِ النَّارِنْجِ وَحَجَرِ الطَّلْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْحِيَلِ الْمَعْرُوفَةِ لَهُمْ، وَأَنَا لَا أَطْلِي جِلْدِي بِشَيْءٍ فَإِذَا اغْتَسَلْت أَنَا وَهُم بِالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ بَطَلَت الْحِيلَة وَظَهَرَ الْحَقُّ؛ فَاسْتَعْظَمَ الْأَمِيرُ هُجُومِي عَلَى النَّارِ، وَقَالَ: أَتَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقُلْت لَهُ: نَعَمْ (^٢)، قَد اسْتَخَرْت اللهَ فِي ذَلِكَ، وَأَلْقَى فِي قَلْبِي أنْ أَفْعَلَهُ، وَنَحْنُ لَا نَرَى هَذَا وَأَمْثَالَهُ ابْتِدَاءً؛ فَإِنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ إنَّمَا تَكُونُ لِأُمَّةِ محَمَّدٍ ﷺ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ
(^١) ﵀! ما أعظم يقينه وتوكُّله وثقته بالله تعالى.
(^٢) هذا يدل على عظيم إيمانه وثقته بالله تعالى، وهذه المنزلة قلّ من يصل إليها.
1 / 56