Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Publisher
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٤١ هـ
Publisher Location
السعودية
Genres
فَهَذَا التَّوَسُّلُ الْأَوَّلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ، وَهَذَا لَا يُنْكرُهُ أَحَدٌ مِن الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ -كَمَا قَالَ عُمَرُ- فَإِنَّهُ تَوَسَّلَ بِدُعَائِهِ لَا بِذَاتِهِ؛ وَلهَذَا عَدَلُوا عَن التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ، وَلَو كَانَ التَّوَسُّلُ هُوَ بذَاتِهِ لَكَانَ هَذَا أَوْلَى مِن التَّوَسُّلِ بِالْعَبَّاسِ، فَلَمَّا عَدَلُوا عَن التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ بِالْعَبَّاسِ: عُلِمَ أَنَّ مَا يُفْعَل فِي حَيَاتِهِ قَد تَعَذَّرَ بِمَوْتِهِ، بِخِلَافِ التَّوَسُّلِ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ بِهِ وَالطَّاعَة لَهُ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ دَائِمًا.
وَالثَّالِثُ: التَّوَسُّلُ بِهِ بِمَعْنَى الْإِقْسَامِ عَلَى اللّهِ بِذَاتِهِ وَالسُّؤَالِ بِذَاتِهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ فِي الاِسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ، لَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَمَاتِهِ، لَا عِنْدَ قَبْرِهِ وَلَا غَيْرِ قَبْرِهِ، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِن الْأَدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا يُنْقَلُ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٌ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ، أَو عَمَّن لَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَاُبهُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ وَنَهَوْا عَنْهُ حَيْثُ قَالُوا: لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقٍ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: أَسْأَلُك بِحَقِّ أَنْبِيَائِك.
وَقَد اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ مَن حَلَفَ بِالْمَخْلُوقَاتِ الْمُحْتَرَمَةِ، أَو بِمَا يَعْتَقِدُ هُوَ حُرْمَتَهُ؛ كَالْعَرْشِ، وَالْكُرْسِيِّ، وَالْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .. وَغَيْرِ ذَلِكَ: لَا يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَلَا كَفَارَةَ فِي الْحَلِفِ بِذَلِكَ.
وَالْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ حَرَامٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَد حُكِيَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ: هِيَ مَكْرُوهَة كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.
وَالْأَوَّلُ أَصَح، حَتَّى قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَأَنْ أَحْلِفَ باللهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِن أَنْ أحْلِفَ بِغَيْرِ اللّهِ صَادِقًا.
وَذَلِكَ لِأنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللهِ شِرْكٌ، وَالشِّرْكُ أَعْظَمُ مِن الْكذِبِ.
1 / 155