123

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٤١ هـ

Publisher Location

السعودية

Genres

وَأَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِشَفَاعَتِهِ وَأَنْكَرَ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ مِنْ التوَسُّلِ بِهِ وَالِاسْتِشْفَاعِ بِهِ (^١) ..: هَذَا فَهوَ ضَالٌّ مُخْطِ مُبْتَدعٌ، وَفي تَكْفِيرِهِ نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ. وَأَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِمَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ شَفَاعَتِهِ وَالتَّوَسُّلِ بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ قَالَ لَا يُدْعَى إلا اللهُ، وَأَنَّ الْأَمُورَ الَّتي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إلَّا اللهُ لَا تُطْلَبُ إلَّا مِنْهُ؛ مِثْلَ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ وَهِدَايَةِ الْقُلُوبِ وَإِنْزَالِ الْمَطَرِ وَإِنْبَاتِ النَّبَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهَذَا مُصِيبٌ فِي ذَلِكَ؛ بَل هَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٣٥]، وَقَالَ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦]. [١/ ١٠٨ - ١٠٩] * * * (هل يجوز اتخاذُ وَاسِطَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللهِ؟) ١٨٤ - سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ-: عَن رَجُلَيْنِ تَنَاظَرَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا بُدَّ لَنَا مِن وَاسِطَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللهِ، فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ أَنْ نَصِلَ إلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟

= قيامها عليهم، كما قال تعالى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)﴾ [الفرقان: ٤٤]. وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم الله ببلوغها إياهم، مع كونهم لم يفهموها. وإن أشكل عليكم ذلك؛ فانظروا قوله ﷺ في الخوارج: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم" مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر معهم الإنسان عمل الصحابة، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين، هو التشديد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون أنهم مطيعون لله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها. وكذلك: قتل علي ﵁ الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاحهم؛ وهم أيضًا يظنون أنهم على حق، وكذلك إجماع السلف على تكفير أناس من غلاة القدرية، وغيرهم، مع كثرة علمهم، وشدة عبادتهم، وكونهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم؛ لأجل أنهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا. الدرر السنية: (١١/ ٧٤ - ٧٥). (^١) في حياتِه.

1 / 129