Prophethood: Selection and Example

Ahmad Mukhtar Al-Buzrah d. Unknown
33

Prophethood: Selection and Example

النبوة: اصطفاء وقدوة

Publisher

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Edition Number

السنة الثانية - العدد الثالث

Publication Year

محرم ١٣٩٠هـ/١٩٧٠م

Genres

وسلم فلم يكن بطلًا لنفسه، وإنما لخير الإنسانية وهداها، فما في بطولته صلف، ولا كبرياء، ولا طغيان ولا تمجيد لذاته بل كانت بطولته العدالة، والحق والإنصاف والتقوى. ولذلك ما زالت مواقف صبره وجهاده، تفيض من القيم الإنسانية البطولية، ولم تستطع العصور، ولن تستطيع أن تفقدها من جدارتها شيئًا. وخير من كلمة البطولة اسم النبوة؛ فالنبوة فوق البطولة، وما بينهما، كما بين الأرض والسماء، ولأمر ما لقبه أحد كتاب الغرب "بطل الأبطال"١.

١ هو توماس كارليل مؤلف كتاب الأبطال.

هـ - المسؤولية والعهد: كان استبسال الرسل في نشر الدعوة، والتمكين، وفاء منهم بعهد الله، ذلك لأنهم قد واثقوا الله على الإخلاص له ومنح حياتهم كلها للرسالة قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ . وعلى هذا لم يعرفوا لوجودهم معنى ولا غاية غير إنفاذ كلمة الله على أتم وجه وأصدق أداء وهذه المسؤولية في الحفاظ على الدين والاستمساك به ونشره في الأرض، تنتقل إلى المؤمنين من بعدهم قال تعالى بعد تلك الآية: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ . والمؤمنون الصادقون لا يدخرون جهدًا في اتباع الطريقة المثلى لإعلاء كلمة الله، والوفاء بعهده حتى يفدوا الدين المأثور الخالد والمطلب الأسنى لهم. به يحيون ومن أجله يحيون، فأي تضييع لجانب منه خسارة لا تعوض، فيكون الجهد الإيجابي البناء في حياة الأمة أن يحتفظوا بالدين صافيًا خالصًا لا ينفصلون عنه في صغيرة أو كبيرة من شؤون دنياهم أو آخرتهم حتى لا يرتدوا إلى النقصان وفي النقصان الانحطاط والخسران. إن العقيدة الإسلامية تبعث في نفوس أتباعها تساميًا رائعًا يدركون به معنى إنسانيتهم وتكاملها الصاعد في سبيل الله، لذلك كان أشد ما يخشاه الأنبياء هو الابتعاد أو التراجع أو انتهاء الحياة على غير شريعة الله، فتكون في ذلك مأساة الإنسان الحقيقية، مأساة ضلاله وضياعه وخسرانه في دار الابتلاء فكانت وصية إبراهيم لأبنائه أن يستمسكوا بالدين حتى الرمق الأخير،

1 / 196