183

Principles of Invitation and Its Methods 4 - University of Madinah

أصول الدعوة وطرقها ٤ - جامعة المدينة

Publisher

جامعة المدينة العالمية

Genres

ويقول ابن خلدون ﵀ ﵎ مبينًا أن معجزة النبي ﵌ هي أعظم معجزة أتى بها ﵊ يقول: واعلم أن أعظم المعجزات وأشرفها وأوضحها دلالة "القرآن الكريم" المنزل على نبينا محمد ﵌ فإن الخوارق في الغالب تقع مغايرة للوحي الذي يتلقاه النبي، ويأتي بالمعجزة شاهدة على صدقه، ويريد ابن خلدون بذلك أن يقول إن الرسول من الرسل كان يحمل إلى الناس أمرين؛ شريعة يوحى إليه بها يدعوهم إليها، ومعجزة تشهد له بأنه رسول من عند الله، وأنه صادق فيما يدعو إليه. ثم يقول ابن خلدون: فالقرآن نفسه هو الوحي المدعى، وهو الخارق المعجز، فشاهده في عينه، ولا يفتقر إلى دليل مغاير له كسائر المعجزات مع الوحي، فهو واضح الدلالة؛ لاتحاد الدليل والمدلول فيه، ومعنى هذا الذي يقوله ابن خلدون: أن النبي ﵌ حمل إلى الناس أمرًا واحدًا فقط هو الشريعة، وفي الشريعة نفسها المعجزة التي تشهد له بأنه رسول الله ﵌ الصادق فيما يقول عن الله. ثم يقول ابن خلدون: وهذا معنى قول النبي ﵌: «ما من نبي من الأنبياء إلا وأوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحي إلي، فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة». وللنبي ﵌ كما أشرت سابقًا -له- معجزات أخرى حسية كثيرة؛ كانشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام، وهي معجزات عظيمة، ونحن نؤمن بالصحيح الثابت منها، ولكنها معجزات شاهدها الذين عاصروها، وبقي القرآن هو المعجزة الخالدة الأبدية؛ لأن القرآن الكريم آية فريدة بين آيات الرسل جميعًا؛ إذ هي آية باقية دائمة خالدة لا تزول بوفاة من نزلت عليه، كما هو الحال بالنسبة للرسل

1 / 195