221

Subul al-salām min Ṣaḥīḥ Sīrat Khayr al-Anām ʿalayhi al-ṣalāt waʾl-salām

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

Publisher

مكتبة الغرباء

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٨ هـ

Publisher Location

الدار الأثرية

Genres

عباد الله! لما تمت بيعة العقبة الثانية، وعاد القوم إلى المدينة ينتظرون هجرة النبي ﷺ وأصحابه إليهم بتلهف كبير؛ أمر رسول الله ﷺ المسلمين بالهجرة إلى المدينة واللحوق بالأنصار، فخرجوا أرسالًا -أي جماعات-
عباد الله! وكانت الهجرة إلى المدينة بوحي من الله تعالى، قال رسول الله ﷺ:"رأيتُ في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي -أي ظني- إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب" (١).
وقالت عائشة ﵂: قال النبي ﷺ للمسلمين: "وإني أريت دار هجرتكم، سبخة، ذات نخل بين لابتين- وهما الحرَّتان-".
فهاجر من هاجر قِبلَ المدينة، ورجع عامة من كان بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قِبَلَ المدينة، فقال رسول الله ﷺ: "على رسلك يا أبا بكر، فإني أرجوا أن يؤذن لي"، فقال أبو بكر: أترجوا ذلك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟
قال: "نعم" فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ﷺ، وعلف راحلتين كانتا عنده من ورق السَّمر أربعة أشهر" (٢). وذلك استعدادًا لهجرة النبي من مكة إلى المدينة.
عباد الله! عندما أذن النبي ﷺ للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، طاروا إليها زرافات ووحدانا، يحثهم الشوق إلى أرض أمن وأمان، يعبدون فيها ربهم، ويجهرون بصلاتهم، ويأمنون فيها على أنفسهم وأموالهم، فلما رأت قريش

(١) متفق عليه رواه البخاري (رقم ٧٠٣٥)، ومسلم (رقم ٢٢٧٢).
(٢) رواه البخاري (رقم ٢٢٩٧).

1 / 212