Palestine: So It Won't Become Another Andalusia

Ragheb El-Sergany d. Unknown
79

Palestine: So It Won't Become Another Andalusia

فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى

Genres

الحرب العالمية الثانية وتعامل اليهود معها في أواخر هذه المرحلة التي نحن بصدد الحديث عنها أعني مرحلة التهويد ابتلي العالم بأزمة مروعة عمت الأرض كلها، تلك هي الحرب العالمية الثانية، والتي بدأت في سنة ١٩٣٩م واستمرت إلى سنة ١٩٤٥م ست سنوات كاملة من الصراع بين معسكرين كبيرين في العالم: المعسكر الأول: هو معسكر الحلفاء، ويضم إنجلترا وفرنسا وأمريكا وروسيا. المعسكر الثاني: هو معسكر دول المحور، ويضم ألمانيا وإيطاليا ثم اليابان. وكانت حربًا دامية حقًا، فقد العالم فيها خمسين مليونًا من البشر في واحدة من أشد حروب العالم ضراوة، كانت للحرب تداعيات خطيرة على كل بلاد العالم، ليس المجال هنا أن نذكرها بالتفصيل، ولكن ما يهمنا هو انعكاسات هذه الحرب الضروس على الموقف في فلسطين، ترى كيف كان موقف اليهود؟ وكيف كان موقف العرب؟ وما أثر ذلك على قيام دولة إسرائيل داخل فلسطين الحبيبة؟ والحق أقول: إن اليهود أداروا أزمة الحرب العالمية الثانية كأحسن ما تدار الأزمات، حتى المصائب التي نزلت على اليهود أثناء الحرب استطاعوا أن يوظفوها لصالحهم، بينما لم يكن العرب على المستوى المطلوب في إدارة هذه الأزمة الطاغية، وأنا أقول: العرب ولا أقول: المسلمين؛ لأنه بانتهاء الخلافة العثمانية سقطت كل صبغة إسلامية للقضية على مستوى العالم الإسلامي أجمع، ولم يبق من ينادي بإسلامية القضية إلا أفراد معدودون وجماعات قليلة داخل وخارج فلسطين. ترى كيف تعامل اليهود مع الحدث؟ أولًا: أعلنوا الانضمام فورًا إلى المعسكر البريطاني، وتبعًا لذلك بدءوا التدريب بشدة في معسكرات الإنجليز سواء في فلسطين أو خارج فلسطين، بل وطالبوا بإنشاء مصانع للسلاح داخل فلسطين؛ ليكونوا درعًا للإنجليز في المنطقة، وفعلًا أنشأت مصانع السلاح الحديثة داخل فلسطين، وكانت بعد ذلك نواة لتسليح إسرائيل بعد القيام في سنة ١٩٤٨م، فقد طلبوا جلب كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة وتحولت العصابات اليهودية إلى جيش مدرب يعلم كيف يتعامل مع الدبابات والمدرعات والصواريخ والطائرات، وهذا كله ولاشك أفاد في حرب ١٩٤٨م القادمة. ثانيًا: زيادة التهجير إلى فلسطين، فنظرًا لواقع أوروبا المر، ولكثرة المشردين والمهددين بالقتل؛ فُتح باب الهجرة إلى فلسطين، وتزايد اليهود القادمون من كل مكان في أوروبا، وبالذات من ألمانيا وأوروبا الشرقية. ثالثًا: قضية النازية، عندما أعلن اليهود انضمامهم إلى معسكر الحلفاء قام هتلر بمطاردة اليهود في فرنسا وألمانيا، وكما ذكرنا من قبل فإن اليهود في هذا الوقت الحرج لم يضيعوا الفرصة، بل إنهم كانوا يرشدون هتلر إلى أماكن اليهود المختبئين في نظير ترحيل اليهود المرموقين إلى فلسطين، غير أن اليهود استفادوا من قصة النازية وهتلر أكثر من ذلك، فضخموا في العالم جدًا أرقام المذبوحين في سجون هتلر، وفي معسكرات الاعتقال الألمانية المشهورة، والحق أن هتلر قتل عددًا ضخمًا جدًا من اليهود يصل إلى مليون يهودي، لكن اليهود لم يكتفوا بهذا الرقم فرفعوه كذبًا وزورًا إلى ستة ملايين قتيل يهودي، وهم بذلك يلفتون أنظار العالم إلى المأساة الضخمة، فيتحدث العالم عنهم، ولا يتحدث عن غيرهم، فكثير من الدول فقد مليونًا، لكن ليس كل الدول يفقد ستة ملايين، ليس هذا فقط، بل أطلقوا على عملية إبادة اليهود اسمًا معاني أخرى ذات مغزى، فسموها الهولوكست، يعني: التضحية الدينية أو المقدسة، والتي تتمثل في تقديم قربان للآلهة، وكأنها لحظة مقدسة قُدّم فيها اليهود قربانًا للآلهة افتداء لأهل الأرض، وبذلك يجذبون مشاعر الخلق ناحيتهم، ويحركون قلوبهم إلى جانب عقولهم، واليهود من أكثر الناس استغلالًا للأحداث وتزويرًا للتاريخ، كيف لا وهم لم يترددوا في تزوير التوراة كتاب الله: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران:٧٥]. زرت في واشنطن متحفًا ضخمًا هائلًا اسمه متحف الهولوكست، أقامه اليهود في العاصمة الأمريكية، يصورون فيه القصة المأساوية التي عاشها اليهود أيام النازية في ألمانيا وأوروبا الشرقية وفرنسا، ويمدونه بالصور والتماثيل والكتيبات والأفلام والوثائق، وكان دخول المتحف هذا مجانًا، مع كل ما أُنفق عليه من أموال، ومع أنه في أغلى وأرقى منطقة في واشنطن، إلا أنهم لا يريدون من الداخلين مالًا، بل يريدون أن يشجعوا العالمين على دخوله، وعندما يتعاطفون معهم بعد ذلك سيأتي الربح آنذاك وفيرًا، وأسفت جدًا أني لم أشاهد متحفًا ولو بسيطًا يصور ما يحدث في فلسطين من حقائق ولا أريد أكاذيب، أو يصور ما يحدث في البوسنة أو في كوسوفا أو في الشيشان أو في أي بقعة إسلامية تنزف. وما أكثرها! إذًا: اليهود في الحرب العالمية الثانية استفادوا من الأزمة الأشياء التالية: أولًا: بأنهم زودوا أنفسهم بالسلاح بعد انضمامهم إلى بريطانيا. ثانيًا: زادوا من التهجير اليهودي إلى فلسطين. ثالثًا: استغلوا قصة تعذيب الألمان لهم في كسب ود العالم وعطفه. ر

7 / 4