300

Al-Balāgha al-ʿUmariyya

البلاغة العمرية

Publisher

مبرة الآل والأصحاب

Edition Number

الأولى

Publication Year

٢٠١٤ م

Genres

[٥١٥] وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ ﵁
إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ﵄ -
وقد أتاه كتابٌ منهما فيه: سَلَامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا عَهِدْنَاكَ وَأَمْرُ نَفْسِكَ لَكَ مُهِمٌّ، وَأَصْبَحْتَ قَدْ وُلِّيتُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحْمَرِهَا وَأَسْوَدِهَا، يَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْكَ الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ، وَلِكُلٍّ حِصَّتُهُ مِنَ الْعَدْلِ فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ يَا عُمَرُ، فَإِنَّا نُحَذِّرُكَ يَوْمًا تَعْنُو (١) فِيهِ الْوُجُوهُ، وَتَحِفُّ (٢) فِيهِ الْقُلُوبُ، وَتُقْطَعُ فِيهِ الْحُجَجُ، يَمْلِكُ قَهْرَهُمْ بِجَبَرُوتِهِ وَالْخَلْقُ دَاخِرُونَ لَهُ، يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عِقَابَهُ، وَإِنَّا كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَيَرْجِعُ إِلَى آخِرِ زَمَانِهَا: أَنْ يَكُونَ إِخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ أَعْدَاءَ السَّرِيرَةِ، وَأَنْ نَعُوذَ بِاللَّهِ أَنْ يَنْزِلَ كِتَابُنَا إِلَيْكَ سِوَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَ مِنْ قُلُوبِنَا، فَإِنَّا كَتَبْنَا بِهِ نَصِيحَةً لَكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: «سَلَامٌ عَلَيْكُمَا أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّكُمَا كَتَبْتُمَا إِلَيَّ تَذْكُرَانِ أَنَّكُمَا

(١) العاني: الخاضع المُتَذَلِّل. قال الله ﷿: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾، وهي تَعْنو عُنُوًّا. وجئت إليك عانيًا: أي: خاضعًا كالأسير المرتهن بذنوبه. (كتاب العين: ٢/ ٢٥٢).
(٢) الظاهر أن المراد به: طارت القلوب، أو سُمِعَ صوتها شديدًا، والأول من قولهم: حف الجعل يحف: إذا طار، والثاني من قولهم: حفت الشجرة حفيفًا: إذا صوتت بمرور الريح على أغصانها. انظر: تاج العروس: ٢٣/ ١٤٧.

1 / 307