نزول القران الكريم وتاريخه وما يتعلق به
نزول القران الكريم وتاريخه وما يتعلق به
Publisher
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Genres
أيها الكافرون فخلط فيها ونقص وزاد، فأنزل الله ﷿ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ (النساء: ٤٣.)
فكانوا بعد ذلك يتركونها عند الصلوات وفي الأوقات القريبة منها حتى لا يقعوا في مثل هذا الخلط، وبذلك صار من السهل تحريمها تحريمًا باتًا، فقد صنع بعض المسلمين طعامًا فأكلوا وشربوا حتى لعبت الخمر برؤوسهم فتناشدوا الأشعار فتشاجروا حتى شج أحدهم رأس الآخر فقال الفاروق عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيًا فحرمها الله بعد ذلك تحريمًا باتا حيث أنزل فيها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ إلى قوله ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فقال عمر: انتهينا فمن ثم اقتضت الحكمة نزول القرآن مفرقا١.
من الحكم كذلك: التدرج في تثبيت العقائد الصحيحة والأحكام التعبدية والعملية والآداب والأخلاق الفاضلة.
فقد أمر القرآن أولًا بالإيمان بالله وصفاته، وعبادته وحده، حتى إذا ما آمنوا بالله دعاهم إلى الإيمان باليوم الآخر، ثم بالإيمان بالرسل والملائكة حتى إذا ما اطمأنت قلوبهم بالإيمان، وأشربوا حبه، سهل عليهم بعد ذلك تقبل الأوامر، والتشريعات التفصيلية والأحكام العلمية والفضائل والآداب العالية، فأمروا بالصلاة والصدق والعفاف ثم بالزكاة ثم بالصوم، ثم بالحج، كما بينت أحكام النكاح، والطلاق والرجعة والمعاملات من بيع وشراء وتجارة إلى غير ذلك من المعاملات.
_________
١ -المدخل في علوم القرآن ١/٦٩.
1 / 34