٤ - وانضاف إلى ذلك أن يَصْحبَ خبرَهم إفادةُ العلمِ لسامعه.
فهذا هو المتواتر.
وما تخلَّفتْ إفادة العلم (^١) عنه كان مشهورًا فقط، فكلُّ متواترٍ مشهورٌ من غيرِ عكسٍ (^٢).
[هذه الشروط تفيد حصول العلم غالبًا]:
وقد يقال: إن الشروط الأربعة إذا حصَلتْ اسْتَلْزمتْ حصولَ العلم (^٣)، وهو كذلك في الغالب، لكن، قد يتخلف عن البعض لمانعٍ.
_________
(^١) هذه المسألة فيها استدراك وتفصيل: وذلك أنّ العبارة ليست على إطلاقها في أنّ المقياس هو إفادة العلم وعدمه؛ وإنما المقياس: درجةُ العلم، وطريقُ حصوله، وذلك لأن الحديث الآحاد الثابت يُفيد العلم، أيضًا، مِن غير شكٍّ، بل والمحتف بالقرائن منه يُفيد اليقين؛ فلفظةُ "العلم" هنا كان ينبغي أن تُقَيَّد؛ حتى لا نحتاج إلى هذا الاستدراك، وتقييدها يكون بتحديد المعنى المقصود، وهو: إمّا العلم الضروريّ، لا النظريّ، أي: العلم الذي يَحْصل بمجرّد سماع الخبر والوقوف عليه وعلى طُرُقه مِن غير بحثٍ ونظر، بخلاف العلم النظري المتوقّف حصولُهُ على البحث. وإمّا العلم اليقينيّ، لا العلم الذي هو الظن الراجح، أو غالب الظن. أو الاثنان: العلم الضروريّ، والعلم اليقيني. ولعله بسبب هذا الإطلاق الموهِم نشأتْ تلك الأقوال تُجاه الأخذ بالحديث الآحاد، والله أعلم.
(^٢) انتقد الشيخ طاهر بن صالح الجزائريّ الدمشقيّ هذه العبارة، حيث قال: «قال بعض الأفاضل: "كلُّ متواترٍ مشهورٌ، وليس كلُّ مشهورٍ متوترًا"، وذلك بعد أن عرّف كلاًّ منهما بما عرّفه به الجمهور، فهو مما يُنْتَقَدُ، قال بعضهم: ولعله أراد بالمشهور المعنى اللغويُّ، لا الاصطلاحيَّ»، "توجيه النظر إلى أُصول الأثر"، له، ١/ ١١٢، ثم التمَسَ وجْهًا آخرَ لقول ابن حجر. قلتُ: وفي اعتراضه هذا على الحافظ نظرٌ؛ إذ كلامه مستقيمٌ لا إشكال فيه عندي، والله أعلم؛ لأنّ الكثرةَ في أسانيد الحديث المتواتر شُهرةٌ للحديث، ولم يَذْكر الشيخ طاهر وجْهًا للاستشكال.
(^٣) أَيْ: القطعيّ -اليقيني- الضروريّ.
1 / 51