لطيفةٍ، سَمّيتها: "نُخْبَةَ الْفِكَرِ في مصطلحِ أهلِ الأثرِ"، على ترتيبٍ ابتكَرْتُهُ، وسبيلٍ انْتَهَجْتُهُ، مع ما ضَمَمْتُ إليه من شوارِد الفرائدِ، وزوائدِ الفوائدِ (^١). فَرَغِبَ إليَّ، ثانيًا، أنْ أضَعَ عليها شرحًا يَحُلُّ رموزَها، ويفتحُ كنوزَها، ويوضِّح ما خَفِيَ على المبتدئ مِن ذلك، فأجبتُهُ إلى سؤاله؛ رجاءَ الاندراج في تلك المسالِك، فبالغتُ -في شرحها- في الإيضاح والتوجيه، ونَبَّهتُ على خفايا زواياها؛ لأنّ صاحبَ البيتِ أدرى بما فيه، وظهر لي أنّ إيرادَهُ على صورةِ الْبَسْطِ أَلْيَقُ (^٢)، ودمْجَها ضِمْن توضيحها أوفقُ، فسلكتُ هذه الطريقةَ القليلةَ السالكِ (^٣). فأقول طالبًا من الله التوفيق فيما هنالك:
[الفرق بين الخبر والحديث]
١ - الخبر: عند علماءِ هذا الفنِّ مرادِفٌ للحديثِ.
٢ - وقيل: الحديثُ: ما جاء عن النبي ﷺ، والخبر: ما جاء عن غيره، ومِن ثَمَّةَ قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شَاكَلَهَا: "الإِخْبَارِي" (^٤)، ولمن يشتغل بالسنَّة النبوية: "المحدِّث".
٣ - وقيل: بينهما عمومٌ وخصوصٌ مُطْلَق (^٥): فكلُّ حديثٍ خبرٌ، مِن غير
_________
(^١) وهذه مِن أعظمِ الميزات الفريدة لنزهة النظر، التي ربما لم يتنبّه لها بعض الدارسين لها.
(^٢) أَلْيَقُ: أيْ: أفضلُ وأَنْسَبُ؛ وذلك لأنه أيْسَرُ للفهم. والبَسْط في اللغة: عكْسُ الاختصار، على ما ذَكرتُ قريبًا، لكن، مراده هنا: سَبْكُ الشرح مع المتن؛ ليكونا كأنهما نصٌّ واحدٌ. وهذا يَنبغي مراعاته في إخراج النزهة وطبْعها، مع أهميّة تمييزِ كلٍّ منهما في التنسيق.
(^٣) لصعوبتها بالنظر إلى الطريقة الأخرى، طريقةِ شرْح الكلمة بمقابِلِها فقط.
(^٤) جاء ضبطُها في الأصل بفتح الهمزةِ وبكسرها.
(^٥) هذا اصطلاحٌ، المقصود منه هو "أن يكون هناك أحدُ اللفظين دالًّا على كلِّ معنى الآخرِ وزيادةٍ عليه، مثل كلمة: "إنسان"، و"مؤمن"، فإنسان تَشمل المؤمنَ وغيرَهُ؛ فنقول: بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطْلَقٌ، كذلك لفْظُ: "خبر" يَشمل الحديث النبوي وغيرَهُ". حاشية د. عتر على هذا الموضع، من طبعتِهِ الثالثة.
1 / 47