وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال الشيخ العلامة الرُّحْلَةُ (^١)، شيخ الإسلام، علَمُ الأعلام، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، الشهير بابن حجر، الشافعي، فسَح الله في مُدّته (^٢)، وأعاد على المسلمين مِن بركته:
[مقدّمة المؤلف]
الحمد لله الذي لم يزل عالمًا (^٣) قديرًا، حيًا قيومًا سميعًا بصيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأُكَبِّرُه تكبيرًا، وصلى الله على سيدنا محمد الذي أرسله إلى الناس كافة (^٤) بشيرًا ونذيرًا، وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
[المؤلفون في مصطلح الحديث ومؤلفاتهم]
أما بعد: فإنّ التصانيف في اصطلاح أهل الحديث، قد كثرت للأئمة في القديم والحديث.
فمِن أوّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك (^٥):
_________
(^١) الرُّحْلَةُ أو الرُّحَلَةُ: المقصود بها: مَن يُرحَلُ إليه كثيرًا؛ لعِلْمِه؛ للأخذ عنه.
(^٢) هذا الدعاء دليلٌ على أنّ هذه النسخة قد كُتِبَت في حياة المؤلف، رحمه الله تعالى.
(^٣) هكذا في الأصل. وفي نسخةٍ: "عليمًا". وهذا هو الأَوْلى، وهو المطابق لوزْنِ ما بعدها وللآيات.
(^٤) كلمة: "كافة" غير موجودة في بعض النسخ.
(^٥) أَوّلِيّة علم المصطلح والمؤلفات فيه:
فيما يتعلق بأوّليّة التأليف في علوم الحديث، ينبغي أن يُلاحظ الآتي:
١ - عبارة المؤلف هنا "فَمِن أول مَن صَنَّفَ في ذلك … "، وفي تدريب الراوي ١/ ٥٢ للسيوطي نقلًا عن المصنف: "أول مَن صَنَّفَ … "، وكأَنّ «مِن» سقطت خطأً في أثناء النقل والنّسْخ.
٢ - الأوّليّة هنا إنما هي في التأليف في المصطلح مجموعًا مستقلًا، وقد سَبَق بعضُ الأئمة الإمامَ الرامهرمزيَّ في الكتابة في علوم الحديث، كالإمام مسلم، والإمام الترمذي في مقدمات كُتبهم أو في أثنائها.
٣ - لا ينبغي أن يُفْهم مِن الوصف بالأوّليّةِ الأوّليّةُ الحرفية: بأنْ نعتقد أنه لم يؤلِّف أحدٌ قبل الرامهرمزي، بل المقصود أنه معدودٌ في المصنفين الأوائل، أو أنه ممن تقدم زمنه بالتصنيف في هذا العلم.
وهذا الفهم جارٍ على ما يجب فهْمهُ مِن إطلاق الوصف بالأولية في أغلب استعمالات الناس.
٤ - وجود علمِ المصطلح لم يكن متوقِّفًا على الكتابة فيه باعتباره عِلمًا مستقلًا، بل وجوده سابقٌ على هذه المرحلة بكثير، وإنما وُجِدَتْ قواعده الأساسية ببداية النقل والرواية في الإسلام، أَيْ: منذ كان القرآن ينزل والرسول ﷺ حيًّا يتلو كتاب الله ويُحَدِّثُ أصحابه.
1 / 41