إسحاق بن الحسن المنجم وكتاب قدامة البصري وكتاب بطلميوس الأقلودي وكتاب أرسيوس الأنطاكي.
فلم يجد ذلك فيها مشروحا مستوعبا مفصلا بل وجده فيها مغفلا فأحضر لديه العارفين بهذا الشان فباحثهم عليه وأخذ معهم فيه فلم يجد عندهم علما أكثر مما في الكتب المذكورة فلما رآهم على مثل هذه الحال بعث إلى سائر بلاده فأحضر العارفين بها المتجولين فيها فسألهم عنها بواسطة جمعا وأفرادا فما اتفق فيه قولهم وصح في جمعه نقلهم أثبته وأبقاه وما اختلفوا فيه أرجاه وألغاه وأقام على ذلك نحوا من خمس عشرة سنة لا يخلي نفسه في كل وقت من النظر في هذا الفن والكشف عنه والبحث عن حقيقته إلى أن تم له فيه ما يريده ثم أراد أن يستعلم يقينا صحة ما اتفق عليه القوم المشار إليهم في ذكر أطوال مسافات البلاد وعروضها فأحضر إليه لوح الترسيم وأقبل يختبرها بمقاييس من حديد شيئا فشيئا مع نظره في الكتب المقدم ذكرها وترجيحه بين أقوال مؤلفيها.
وأمعن النظر في جميعها حتى وقف على الحقيقة فيها فأمر عند ذلك بأن تفرغ له من الفضة الخالصة دائرة مفصلة عظيمة الجرم ضخمة الجسم في وزن أربع مائة رطل بالرومي في كل رطل منها مائة درهم واثنا عشر درهما فلما كملت أمر الفعلة أن ينقشوا فيها صور الأقاليم السبعة ببلادها وأقطارها وسيفها وريفها وخلجانها وبحارها ومجاري مياهها ومواقع أنهارها وعامرها وغامرها وما بين كل بلد منها وبين غيره من الطرقات المطروقة والأميال المحدودة والمسافات المشهودة والمراسي المعروفة على نص ما يخرج إليهم ممثلا في لوح الترسيم ولا يغادروا منه شيئا ويأتوا به على هيئته وشكله كما يرسم لهم فيه وأن يؤلفوا كتابا مطابقا لما في أشكالها
1 / 6