Nuṣrat al-qawlayn liʾl-Imām al-Shāfiʿī
نصرة القولين للإمام الشافعي
Editor
مازن سعد الزبيبي
Publisher
دار البيروتي
Publication Year
1430 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
وأمَّا قوله تعالى: ﴿ * قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ .. إلى قوله ... ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ [فصلت ٩/٤١-١١](١)، وقال تعالى في آية أخرى: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) ... إلى قوله ... وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا(٣٠) ﴾(٢) [النازعات ٢٧/٧٩ -٣٠].
فالجواب عن ذلك، أنَّه لم يقل والأرض بعد ذلك خلقها، وإنَّما ذلك كما رُويَ عن ابن عبّاس رضي الله عنه : ((إنَّ أوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ منَ الأرْضِ موضعَ الكعبةِ، ثمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثمَّ دَحَا الأَرْضَ بعدَ ذلكَ فَبَسَطَهَا))(٣)، وقد قيل في قوله : ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ أي مع ذلك دحاها.
﴿مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (المعارج: ٤)، ففي مثل هذا اليوم يُساءلون وفيه لا يساءلون؛ لأنّهم حين يُعْرضون يوقَفُون على الذنوب ويُحاسبون، فإذا انتهت المسألة ووَجَبَت الحجَّة: ﴿انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ (الرحمن: ٣٧) وانقطع الكلام ، وذهب الخصام، واسودَّت وجوه قوم، وابيضَّت وجوه آخرين، وعرف الفريقان بسيماهم، وتطايرت الصحف من الأيدي: فآخِذٌ ذات اليمين إلى الجنة، وآخِذٌ ذات الشمال إلى النار.
(١) قال تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (سورة فصلت: ٩-١١).
(٢) قال الله تعالى: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ، رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ، وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ، وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ (سورة النازعات: ٢٧ - ٣٠).
(٣) راجع الأقوال في خلق السماء والأرض في (تفسير القرطبي ٢٥٥/١) في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾، وتفسير قوله: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ (سورة النازعات: ٣٠) (تفسير القرطبي ٢٠٤/١٩)، وانظر (تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص ٤٧ -٤٨).
75