Nushu Lugha Carabiyya
نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
Genres
ولا حين جد الجد ممن تغيبا
فليس «عرف» فيه (أي في هذا البيت) من هذا الباب (أي من مادة عرف يعرف)؛ إنما أراد «أرث»، فأبدل الألف لمكان الهمزة عينا، وأبدل الثاء فاء.» انتهى.
فأنت ترى من هذا البيت أن الشاعر كان في مندوحة عن استعمال «عرف» بمعنى «أرث»؛ لأن الوزن واحد، والمعنى واحد، لكن «عرف » كانت لغة قومه، فلم يحد عنها، ومثل وقوع إبدال حرفين في الكلمة الواحدة كثيرة، وقد جمعنا منها شيئا غير قليل، وبهذه الإشارة مجزأة.
ومن لغات «قرم»: «قطم». قال اللغويون: قطم الرجل: اشتهى اللحم أو غيره، والقطامي ويضم: الصقر، أو اللحم منه كالقطام: كسحاب، فأنت ترى أن معنى «اللحم» ملازم لهذا التركيب وهو أمر عجيب غريب، وكل هذا الاختلاف حاصل عن اختلاف القبائل المبثوثة في ديار العرب. (4) ومن الكلام الممات: الجدف محركة: قال في اللسان: «الجدف من الشراب: ما لم يغط، وفي حديث عمر رضي الله عنه، حين سأل الرجل الذي كان الجن استهوته: ما كان طعامهم؟ قال: الفول، وما لم يذكر اسم الله عليه، قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجدف، وتفسيره في الحديث أنه ما لا يغطى من الشراب، قال أبو عمرو: الجدف، لم أسمعه إلا في هذا الحديث، وما جاء إلا وله أصل؛ ولكن ذهب من كان يعرفه ويتكلم به، كما قد ذهب من كلامهم شيء كثير.» ا.ه. كلام ابن مكرم.
قلنا الذي يبدو لنا أن الجدف هنا فعل بمعنى مفعول، كما قالوا: النفض والقبض والهدم بمعنى: المنفوض والمقبوض والمهدوم، ولما كان معنى الجدف المجدوف غطاؤه أي المرمي غطاؤه، كان معناه المكشوف أو الذي لا غطاء عليه. (5) ومن قبيل الممات البائد الذي لا ذكر له في الأسفار التي بأيدينا: «البرم» بالتحريك. قال الفيروزآبادي: «البرم حب العنب، إذا كان مثل رءوس الذر، وقد أبرم الكرم.» ا.ه.
قلنا قوله مثل رءوس الذر يوجب أن يكون «البرم» في معناه الأول: الذر ثم شبه به حب العنب؛ لأن لا بد من أن يكون للمشبه أصل موجود في أصل المشبه به، إذن البرم: الذر كما في اليونانية: (myrmèx, èkos) μύομηξ, ηχος ، وهو باللاتينية
FORMICA ، وبالهندية الفصحى
vamrà-h, VAMRI (VARMA-I) .
والبيرم في العربية: البرطيل أي الحجر الطويل الصلب خلقة، ينقر به الرحى، والكلمة اليونانية تعني الصخرة التي يغطيها الماء، فبين اللفظين والمعنيين تقارب ونسب. (6) ومن الممات البائد: النهر بضم النون، وإسكان الهاء، وفي الآخر راء، بمعنى الضياء، ومنها النهار، وهو ما تظهر فيه الشمس من ساعات اليوم، ولم ينطق به العرب، بل قالوا في مكانه: «النور».
وقالوا: «الركبة »، وكان الحق أن يقال: «البركة»؛ لأنهم اشتقوا منها «برك»، ولم يقولوا «ركب» بهذا المعنى؛ لئلا يختلط بمعنى اعتلاء ظهر الحيوان.
Unknown page