78

Nur

النور لعثمان الأصم

Genres

وإنما أراد الله الكفر والمعاصي والقبائح والفساد. كل ذلك أراده، بمعنى أنه لم يغلب، على كون جميع ذلك، في ملكه وسلطانه. ولم يرد ذلك إرادة الأمر: أنه تعالى أمر عباده بذلك، راضيا به، بل أراده أن يكون مسخوطا فاسدا قبيحا، معصية ممن فعله، معاقبا عليه صاحبه. أراد كون ذلك خلافا، لكون ما أمر به تعالى، من الطاعات.

فكل شيء نهى عنه فهو ضد، لما أمر به.

فالكفر المنهي عنه، أراده أن يكون ضد الإيمان المأمور به، والمعصية المنهي عنها، أرادها أن تكون ضد الطاعة المأمور بها. وبالله التوفيق.

الباب الثاني والتسعون

في من قال: إن الله أمر بالإيمان ولم يرده

ونهى عن الكفر وأراده

يقال: لمن قال: أن أمر بالإيمان ولم يرده، ونهى عن الكفر وأراده: إن الله تعالى يجل أن يوصف بما وصفته به، لأن هذا قول فحش قبيح. والله تعالى يجل عن ذلك، لأن هذه الصفة، ليست بصفة إله حكيم عليم. ولا يصف الله تعالى، بهذه الصفة، إلا جاهل ولكن البارئ تعالى، أمر بطاعته، ونهى عن معصيته.وأراد الطاعة ممن أتى بها طائعا، لا مكرها ولم يردها، ممن لم يأت بها ونهى عن المعصية وقبحها.

فمن عمل بالمعصية، فقد عمل بما نهاه الله عنه، وقبحه، وأراده أن يكون فعلا قبيحا، لا طاعة، ممن أتى به وأراد الطاعة حسنة، إرادة أمر، أمر بها. وأراد المعصية قبيحة، منهيا عنها. ولا مخرج للعباد، مما علم الله، وإرادته ومشيئته. فلا يكون إلا ما شاء الله، وأراد ربنا وعلم -تعالى وجل- له الملك والخلق، يفعل ما يشاء. وقد قال تعالى: { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } .

فكل مشيئة، خالفت مشيئة الله، فهي ضائعة.

فدل أنه لا يكون في ملكه وسلطانه، إلا ما شاء وعلم، وأراد كونه، على الوجوه التي بيناها، والتفاسير التي أوردناها. وبالله التوفيق.

الباب الثالث والتسعون

في الرد على من قال: إن الله أراد الإيمان ولم يرد الكفر

يقال لهم: أتقولون: إن الله أراد الإيمان، ولم يرد الكفر؟

Page 78