قال أبو سعيد: معي أنه يخرج نحو هذا، على بعض ما قيل: ولأنبيائه تبارك وتعالى الحق في دينه، بما جعل لهم من الحق. وقد قال الله تعالى: { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } وليس لأحد من خلقه عليه حق، إلا ما جعل بفضله لهم. والحق له تبارك وتعالى، على عباده وخلقه: أن يوجبوا حتى ما جعلهم لعباده، من الحق في دينه، من نبي أو إمام، أو غيرهم، من ذوي الحقوق في دين الله. وهذا جائز في مجاز الكلام. وغير متعلق، على معنى: أن على الله حقا لعباده، على اللزوم به لمه جل الله عن ذلك وعز.
مسألة:
جائز يسأل الخالق. فيقال: نسألك، ونسألك بحق السائلين عليك.
وذلك أن حق الله أن يطيعوه. وحق الخلق على الله: أن يثيبهم، إذا أطاعوه. فيسأل الخالق بذلك الحق، ويسأل الخلق بحق الله.
قيل: لا يجوز.
مسألة:
ومن قال: بحق يوم الجمعة، وبحق حرمة رمضان.
قبض أجاز ذلك.
وكرهه آخرون. ولم يروه.
ولا يقال: نسألك بحق محمد. ولكن بحرمة محمد. ولا يجوز أن يسأل الله.
بملائكته وأنبيائه والكعبة والقرآن وعرشه وكرسيه، وبجميع خلقه، ولا بشيء من الحقوق.
وأما بحق أنبيائك ورسلك، وبحق محمد عليك، وبرحمتك وبلطفك. ففيه اختلاف.
فمنهم: من أجاز ذلك، على نحو ما يستشفع إلى الله، بصفات أفعاله برسله وأنبيائه، من فضل الشفيع، على من يشفع له؛ لأنهم أجل شأنا عنده، وأعظم مقدارا. والله أعلم.
وقال قوم: لا يجوز أن يسأل الله تعالى بشيء، من هذا؛ لأن الله ليس لمخلوق وعليه حق، من النبيين والمرسلين،ولا الملائكة المقربين. فيسأل بحقهم. وإنما الحق له على خلقه. والفضل منه عليهم -عز وجل- من أن يكون لمخلوق عليه حق. فيكون ماناعليه بذلك. والله أعلم. وبه التوفيق.
الباب الثمانون والمائتان
في إجابة الدعاء ورده وسرعته وتأخيره
قال الله تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } . وقال: { ادعوني أستجب لكم } .
ومن كتاب الثعلبي:
Page 203