قال بعض المفسرين: المهيمن: الشاهد، من قوله: { ومهيمنا عليه } أي شاهدا عليه. وروي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنه- وعنه أيضا أن قوله: ومهيمنا عليه، أي مؤتمنا عليه.
ومن كتاب الزاهر:
المهيمن: القائم على خلقه.
ابن عباس - المهيمن: المؤمن.
أبو محمد- المهيمن: من صفات الفعل. والأسماء الحقيقية: هي المحكمة. وجائز الدعاء بها. والأسماء الفعلية، إنما هي على سبيل المجاز.
فإن قيل: فما معنى وصفكم له، بأنه مهيمن؟
قيل له: معناه هو الأمين على الأشياء. وإنما هذه الهاء التي في المهيمن هي بدل من الهمزة التي في الأمين، عند أهل اللغة.
وكذلك معنى قوله في القرآن: { مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه } يعني به أنه أمين على هذه الكتب التي أنزلت قبله. وبالله التوفيق.
الباب الثامن والثمانون والمائة
في العزيز
العزيز على وجوه:
يقال: عز: أي امتنع. فلم يقدر على شيء منه، فيلزمه هذا الاسم على الحقيقة، إذ لم يقدر على كيفيته. ولم تخلص هذه الصفة إلا الله - عز وجل - إذ كان كل عزيز من الأشياء، يوجد على حال ما هو متغير، من انقلاب الحالات، وتصرف الأوقات من العز إلى الذل. والله - عز وجل - ممتنع من أن تدركه الأوهام والصفات والخطرات.
والوجه الآخر: الغلبة والقهر. يقال: عز: إذا غلب، وقهر. قال الله تعالى: { وعزني في الخطاب } أي غلبني.
والوجه الثالث: العز والمنعة ممن يناوئه ويكيده، والاحتراز منه. يقال: فلان في عز، أي في منعة.
ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: { عزيز حكيم } قال: عزيز في نقمه، حكيم في ملكه.
مسألة:
معنى الوصف لله تعالى، بأنه عزيز: هو أن لا تلحقه ذاته، ولا يقهره أحد، ولا يغلبه شيء.
فإن قال: أفتزعمون أنه لم يزل عزيزا وأن هذا الوصف، وجب له؟
قيل له: نعم وذلك لقوله تعالى: { وكان الله عزيزا حكيما } يعني ممتنعا.
قال أبو الحسن: العزيز نفى المذلة عن نفسه في الأزل.
Page 156