قال المؤلف: حفظت أنه إنما يقال: كان لما لم يكن، ثم كان. والبارئ تعالى لم يزل قبل كل شيء. إنما يقول السائل: لم يزل الله تعالى، ولا اسم له. فيقول المجيب: إن كنت تعني لم يزل الله ولا اسم له فلا. والذي عرفت أن الله تعالى لم تزل له الأسماء المعلومة. ولم يزل بجميع صفاته الذاتية. فلما أن خلق الخلق أعلمهم كيف يصفونه ويسمونه. فأظهر من المعلوم لهم من ذلك، ما سموه ووصفوه. فأظهره من المعلوم إلى الموجود.
مسألة:
فإن قال قائل: فالله تعالى لم يكن موصوفا، حتى وصفه العباد.
الجواب: إن كنت تعني لم يكن عالما ولا قادرا ولا سميعا ولا بصيرا، حتى وصفه بذلك العباد. فهذا خطأ؛ لأنه تعالى لم يزل عالما سميعا بصيرا، قادرا حيا. وإن أردت أن أحدا لم يصفه، حتى خلق الواصفين له. هكذا نقول: إن الله لم يكن موصوفا، حتى خلق من يصفه كما نقول: لم يكن معبودا، حتى خلق من يعبده، ولا مذكورا، حتى خلق من يذكره.
قال المؤلف: والله تعالى لم يزل واصفا لنفسه في الأزل. فلما خلق من يصفه، أعلمهم بأسمائه فسموه، وبصفاته، فوصفوه. وبالله التوفيق.
الباب الخامس والسبعون والمائة
في تفسير اختلاف الناس
في أسماء الله - عز وجل - ما هي هي هو؟ أم غيره؟
أم لا هي هو ولا غيره؟
وتفسير جميع ذلك عن الشيخ أبي الحسن البسياني.
بعض يقول: إن الله ليس بمسمى. وهذا القول لا يصح مع أصحابنا؛ لأن قول القائل: الله واسم الله، فقد سماه ووصفه.
ومنهم من قال: إن اسم الشيء لا هو هو، ولا غيره.
وقال الآخرون: الاسم صفة له. وهو غيره.
وقال آخرون: اسم الشيء هو. وإن الواصف للشيء، لا يقع إلا عليه. وإذا كان لا يقع إلا عليه، كان هو.
وعلى قول من يقول: إن الاسم غير المسمى. وإنما هو تعريف له، ووصف يدل عليه من الواصف، في حال وصفه له. فإنما هو تعبير عن صفته، ودلالة عليه. وهو كلام من المتكلم به محدث. وبالله التوفيق.
Page 147