فمن قال: إن الشفاعة لأهل الكبائر، فقد كذب الله - عز وجل - في قوله. ولو كانت لأهل الكبائر، ما قال الله تعالى: { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } وقولهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. فهذه الرواية لا توافق كتاب الله، لما قدمنا من ذلك، مع أنه عارضتها رواية أخرى، محبطة لها. وهي موافقة للكتاب. قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ما منكم من أحد يدخل الجنة يوم القيامة إلا بفضل الله، ثم بعلمه، ثم بشفاعتي فشفاعته زيادة للمؤمن في أجره، ورفع درجته. ونحن نقول: اللهم أدخلنا في شفاعته - صلى الله عليه وسلم - . ولا نسأله أن يجعلنا من أهل الكبائر، لكي ندخل في شفاعته. ولا يجوز ذلك. وبالله التوفيق.
الباب السابع والأربعون والمائة
في الصراط
والرد على من قال: إنه صراط مستقيم
محدود كحد السيف
قال المؤلف: الصراط معنا: هو دين الإسلام. وهو الحق الذي دعا الله النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال الله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم } وقال تعالى: { فاستمسك بالذي أوحى إليك إنك على صراط مستقيم } كل ذلك بمعنى الدين والإسلام والحق القويم. فليس هناك يوم القيامة صراط موضوع. ولا ميزان منصوب. بل هناك عدل من الله مبين، وحق ظاهر مستبين.
والدليل على أن الصراط هو الإسلام والدين والحق القويم: قوله تعالى: { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } .
والسبل: هي الأهواء الضالة. والسبل هي الطريق. والسبل: هي طريق غير الحق. كما قال الشاعر:
أمير المؤمنين على صراط إذا اعوج الموارد مستقيم
ولم يصفه بأنه قائم على شيء، كحد السيف، ولا قاعد عليه. وإنما وصفه أنه على الدين القويم، والحق المستقيم؛ لأن الموارد الطرق. وبالله التوفيق.
الباب الثامن والأربعون والمائة
في الميزان والرد على من قال: إن يوم القيامة ميزان حقيقي
Page 132