103

Nur

النور لعثمان الأصم

Genres

والخلاف على اليهود في إنكارهم النسخ عن أبي سعيد االكدمي. قال أبو سعيد: كل دين الأنبياء والمرسلين واحد، ودعوتهم واحدة، وحجتهم واحدة، ودينهم واحد، لا يختلف الدين الذي جاءوا به من رب العالمين. وكلهم كانت شهادتهم واحدة. كل من أرسل منهم، كانت دعوته إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأنه رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين، وأن جميع ما جاء به عن الله، فهو الحق. وكان هذا الدين، هو الدين والإيمان في الأمم كلها، لا تخلتف أصول الدين. ولا يخرج فيه الاختلاف.

وذلك قول الله تعالى: { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين } .

وقال تعالى: { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } .

وقال: { إن الدين عند الله الإسلام } .

وقال: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } .

وإنما تختلف من أمور النبيين والمرسلين الشرائع، إذا اختلفت؛ لقول الله تعالى: { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } .

والشرعة في أحكام دينه: الذي يأمر به وينهى عنه، ويحله ويحرمه. فإذا جاء رسول الله بشيء، من نسخ ما جاء به رسول قبله، من الأمر والنهي، كان ذلك منسوخا في دين الله وكان الأخذ به باطلا. وكل رسول جاء، فهو يدعو إلى الإيمان بالرسل من قبله، وبالكتب التي من قبله، من رسل الله وكتبه. وذلك هو الذي لا يختلف ولا ينسخ وإنما نسخ الأمر والنهي، مما شاء الله أن ينسخ.

قال: وإنما ينسخ كل رسول، وكل نبي جاء من بعد رسول الله ونبي، إذا جاء النسخ على لسانه، وفي شريعته النهي والأمر، من أحكام شريعة النبي الأول، لا لشيء من ذلك، من كتب الله، ولا دينه، ولا من أمثاله، ولا من وعده ووعيده، ولا من أخباره. وكل ذلك ثابت محكم، لا يجوز عليه النسخ، من قبل الله تبارك وتعالى، في شريعته نبي ولا رسول، لشيء جاء به رسول غيره، ولا لشيء جاء به هو .

Page 103