240

Nūr al-yaqīn fī sīrat sayyid al-mursalīn

نور اليقين في سيرة سيد المرسلين

Publisher

دار الفيحاء

Edition Number

الثانية

Publication Year

1425 AH

Publisher Location

دمشق

متوكئا على عليّ والفضل «١»، وتقدّم العباس أمامهم والنّبيّ معصوب الرأس يخطّ برجليه، حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر، وثار الناس إليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلّد نبي قبلي فيمن بعث الله فأخلّد فيكم؟، ألا إني لاحق بربي وأنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا، وأوصى المهاجرين فيما بينهم، فإن الله تعالى يقول:
وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ «٢» وإن الأمور تجري بإذن الله، ولا يحملنّكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله ﷿ لا يعجّل بعجلة أحد، ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ»
وأوصيكم بالأنصار خيرا، فإنهم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم من الثمار؟ ألم يوسّعوا لكم في الدّيار؟ ألم يؤثروكم على أنفسهم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولّي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا وإني فرط «٤» لكم، وأنتم لا حقون بي، ألا فإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده عليّ غدا فليكفف يده ولسانه إلا فيما ينبغي» . وبينما المسلمون في صلاة الفجر من يوم الإثنين ثالث عشر ربيع الأول وأبو بكر يصلي بهم إذا برسول ﷺ قد كشف سجف «٥» حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسّم يضحك، فنكص أبو بكر ﵁ على عقبه ليصل الصّف، وظن أن رسول الله يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله، فأشار إليهم بيده أن أتمّوا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر «٦» .

(١) كان أكبر الإخوة وبه كان يكنى أبوه وأمه، كان أسن ولد العباس، وغزا مع النبي ﷺ مكّة وحنينا وثبت معه يومئذ، وشهد معه حجة الوداع، وكان يكنى أبا العباس مات في طاعون عمواس.
(٢) سورة العصر.
(٣) سورة محمد اية ٢٢.
(٤) بفتحتين الذي يتقدم إلى الورد لإصلاح الحوض والدلاء.
(٥) السترة.
(٦) رواه الشيخان.

1 / 242