104

Nur Yaqin

نور اليقين في سيرة سيد المرسلين

Publisher

دار الفيحاء

Edition Number

الثانية

Publication Year

1425 AH

Publisher Location

دمشق

قرأت: فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى «١» وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ «٢»، تقول يعلمون ذلك حينما تبوؤوا مقاعدهم من النار- رواه البخاري- ثم أرسل ﵊ المبشرين، فأرسل عبد الله بن أبي رواحة لأهل العالية «٣»، وأرسل زيد بن حارثة لأهل السافلة راكبا على ناقة رسول الله، وكان المنافقون والكفّار من اليهود قد أرجفوا بالرسول ﷺ والمسلمين، عادة الأعداء في إذاعة الضرّاء يقصدون بذلك فتنة المسلمين، فجاء أولئك المبشّرون بما سرّ أهل المدينة، وكان ذلك وقت انصرافهم من دفن رقية بنت رسول الله زوج عثمان. ثم قفل رسول الله راجعا، وهنا وقع خلف بين بعض المسلمين في قسمة الغنائم، فالشبان يقولون: باشرنا القتال، فهي لنا خالصة، والشيوخ يقولون: كنّا ردا لكم فنشارككم. ولمّا كان هذا الاختلاف مما يدعو إلى الضعف، ويزرع في القلوب العداوة والبغضاء المؤديين إلى تشتت الشمل، أنزل الله حسما لهذا الخلاف أول سورة الأنفال يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «٤» فسطع على أفئدتهم نور القران، فتألفت بعد أن كادت تفترق، وتركوا أمر الغنائم لرسول الله يضعها كيف شاء كما حكم القران، فقسّمها ﵊ على السواء الراجل مع الراجل، والفارس مع الفارس، وأدخل في الإسهام بعض من لم يحضر لأمر كلّف به وهم: أبو لبابة الأنصاري «٥» لأنه كان مخلّفا على أهل المدينة والحارث بن حاطب «٦» لأن الرسول ﵊ خلّفه على بني عمرو بن عوف ليحقّق أمرا بلغه، والحارث بن الصمّة «٧» وخوّات بن جبير لأنهما كسرا بالروحاء، فلم يتمكّنا من السير، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد لأنهما أرسلا يتجسّسان الأخبار، فلم

(١) سورة الروم الاية ٥٢. (٢) سورة فاطر الاية ٢٢. (٣) قرى بظاهر المدينة وهي العوالي- (المؤلف) . (٤) اية رقم ١. (٥) وكان أحد نقباء ليلة العقبة وكانت راية بني عمرو بن عوف يوم الفتح معه ويقال مات في خلافة علي ﵁. (٦) أخو ثعلبة وروى الطبراني بسند ضعيف أن هذا شهد صفين مع علي ﵁. (٧) اخى الرسول ﷺ بينه وبين صهيب بن سنان وشهد أحدا إلى جنب الجبل وروى ابن اسحاق في المغازي أنه استشهد ببئر معونة.

1 / 106