كرات كل واحدة تحيط بالتي قبلها، وبين كل واحدة والأخرى فضاء لعله أكبر من هذا الفضاء، تأتي بعدها مخلوقات أكبر منها وأعظم لا يتصور عقل البشر مدى كبرها وعظمها، هي العرش والكرسي، والجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض، والنار التي بين كل طبقة منها وطبقة مسيرة خمسمئة عام (١).
وهذا الذي قلته لم أجده في كتاب ولم أنقله عن أحد، ولكن هو الذي فهمته من نصوص الكتاب والسنة. وقد فسّر شيخنا المغربي ﵀ (في تفسير جزء تبارك) السماء بأنها مدارات الكواكب، وهذا خطأ مردود؛ فالله قد وصف السماء بأنها بناء، أي جسم مادي لا حدّ وهمي، وأنها سقف مرفوع، وأنهنّ سبع سماوات طِباقًا. ولا تكون طباقًا إلا إذا كانت مثل الكرة التي تحيط بها كرة أكبر. وجاء في حديث المعراج بأن لها أبوابًا تُفتَح وتُغلَق، وفي القرآن ﴿فَفَتَحْنا أبْوَابَ السّماء﴾ وفيه ﴿بابًا مِنَ السّماء﴾. وورد فيه أن السماء تُفتَح يوم القيامة وأنها تنفطر وتتشقق. أما أن هذه الكواكب دون السماء فقد أخذته من قوله تعالى: ﴿وَزَيَّنّا السّمَاءَ الدُّنْيا بِمَصابيحَ﴾، وهذه المصابيح هي الكواكب لقوله في الآية الثانية: ﴿بِزينَةٍ الكَواكِب﴾.
* * *
فهل معنى الوصول إلى القمر الوصول إلى السماء؟ أين القمر
_________
(١) لهذا الإيجاز تفصيل في مقالة «ما هي السماء؟»، فمن أحب قراءتها فليرقبها في كتاب علي الطنطاوي: «فصول في الثقافة والأدب» الذي أرجو أن يصدر عمّا قريب بإذن الله (مجاهد).
1 / 57