واضح بيّن يفهمه العامي الذي لم يطلب علمًا ولم يَروِ أدبًا، ويعجز عن مثله العالم والأديب.
وإذا كان في توقيعات الخلفاء وأمثال الأدباء والقليل المتخيَّر من الكلام نفحة من هذا الأريج ووهج من هذه الشمس، فإننا نقرأ ذلك لمتعة البلاغة وهزّة البيان، وفي بلاغة رسول الله ﷺ شيء أكبر من البلاغة والبيان؛ هي أنها قانونٌ مَن عَمِلَ به نال سعادة الدنيا والأخرى.
وبعد، فهاكم زهرات قليلة من ذلك الروض المُمرِع.
* * *
هذه كلمة واحدة جمعت الدين والخلق والتهذيب والأدب، فمَن ذكرها دائمًا وعمل بها كان مَرضِيًّا عند الله مُقدَّمًا بين الناس، هي قوله ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه» (١).
فتصور نفسك دائمًا في موضع مَن تعامله، وانظر ماذا تحب أن تعامَل به فعامله بمثله. إذا كنت بيّاعًا فتصور أنك أنت المشتري وأنك لا تحب أن تُخدَع ولا أن تُغبَن، فلا تخدع المشتري ولا تغبنه. وإذا كنت قويًا فتصور أن الذي أمامك هو أقوى منك، فعامل الضعيف بمثل ما تحب أن يعاملك به القوي.
* * *
_________
(١) أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه (مجاهد).
1 / 46