تعلم من الأفعى أمالي طبعها ... فآنس إذا أوحشت تعف من الذم
لئن كان سم كامن تحت نابها ... ففي لحمها ترياق غائلة السم
وقال:
الله يعلم أني لست ذا بخلٍ ... ولست ملتمسًا في البخل لي عللا
لكن طاقة مثلي غير خافية ... والذر يعذر في القدر الذي حملا
[وقال] أبو بكر الخالدي:
وأخ رخصت عليه حتى ملني ... والشيء مملول إذا ما يرخص
ما في زمانك ما يعز وجوده ... إن رمته إلا صديق مخلص
[وقال] أخوه أبو عثمان:
يا هذه إن رحت في ... خلق فما في ذاك عار
هذي المدام هي الحيا ... ة قميصها خزف وقار
أبو نصر بن نباتة:
ولا تحقرن عدوًا رماك ... وإن كان في ساعديه قصر
فإن السيوف تجذ الرقاب ... وتعجز عما تنال الإبر
وله:
أرى همم المرء اكتئابًا وحسرة ... عليه إذا لم يسعد الله جده
وما لامرئٍ في حادث الدهر حيلة ... إذا نحسه في الأمر وافق سعده
وله:
وعنفني في مركب الهول معشر ... وقالوا: أيهوى الجدب من هو في الخصب
وإني لأدري أن في العجز راحة ... وأعلم أن السهل أوطا من الصعب
ولو طلب الناس المكارم كلهم ... لكان الغنى كالفقر والعبد كالرب
ولكن أشخاص المعالي خفية ... على كل عين ليس تبصر باللب
يقول في هذه القصيدة يمدح علي بن المزربان:
ومن كعلي للفوارس تدعي ... وللخيل سامتها القوائم للوثب
ترى الشمس أمًا والكواكب إخوة ... وتنظر من بدر السماء إلى ترب
رأى الفلك الدوار تربة بابل ... أحق وأولى منه بالأنجم الشهب
يدب ويسري نشركم في نسيمها ... ويعبق منكم في المياه وفي الترب
وما بشروق الشمس منها تشرفت ... بكم شرفت شرق البلاد على الغرب
ابن وكيع:
لئيم لا يزال يلم وفرًا ... لوارثه ويدفع عن حماه
ككلب صيد يمسك وهو طاو ... فريسته ليأكلها سواه
وقال:
تعمدني بنصحك في انفرادي ... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن خالفتني لتريد نقصي ... فلا تغضب إذا لم تعط طاعة
وقال:
امزح بمقدار الطلاقة واجتنب ... مزحًا تضاف به إلى سوء الأدب
لا تغضبن أخاك إن مازحته ... إن المزاح على مقدمة الغضب
[وقال] أبو إسحاق الصابي:
وأحق من نكسته ... بالصغر من درجاته
من مجده من غيره ... وسفاله من ذاته
وكتب إلى صديق له من السجن بقوله:
نحن في الصحبة كالنسرين لكني واقع
وعلى الطائر أن يغشى أخاه ويراجع
وكان سبب سجنه أنه في أيام عز الدولة بختيار بن معزها أحمد بن بويه الديلمي كان على ديوان الإنشاء، وكانت بين بختيار وعضد الدولة فنا خسرو منافسة في الرئاسة، فلما خلع الفضل بن جعفر المقتدر [وهو المطيع] وأقيم مكانه ابنه أبو الفضل عبد الكريم الطائع سنة أربع وستين وثلاثمئة، استولى على جميع الأمر عضد الدولة، وقتل بختيار وأمحى أثره، فأحضر الصابي، وقال: قد علمت ما كنت تعاملني به من قبيح المخاطبة في المكاتبة، وقد أحفظني ذلك، فأوجب حلفي على قتلك إذا ظفرت بك، وقد رأيت ذلك من الفساد إذ كنت مقدمًا في صناعتك، ولكن لا تعمل لي عملًا أبدًا.
واستصفى أمواله وحبسه، وولى ديوان الإنشاء أبا منصور المرزبان الشيرازي، وكان غاية في البلاغة والفصاحة وحسن آلات الكتابة. وزارة أبا إسحاق الصابي في السجن أبو الفرج الببغاء الشاعر زورة ثم قطعه فكتب إليه:
أبا الفرج أسلم وابق وانعم ولا تزل ... يزيدك صرف الدهر حظًا إذا نقص
مضت مدة أستام ودك غاليًا ... فأرخصته والبيع غال ومرتخص
وآنستني في محبسي بزيارة ... شفت كمدًا من صاحب لك قد خلص
ولكنها كانت كحسوة طائر ... فواقًا كما يستفرض السارق الفرص
وأحسبك استوحشت من ضيق محبسي ... وعادك عيد من تذكرك القفص
فعوفيت يا قس الطيور فصاحة ... إذا سرد المنظوم أو تلي القصص
من المنسر الأشغى ومن حزة المدى ... ومن بندق الرامي ومن قصة المقص
ومن صعدة فيها من الدبق لهذم ... لفرسانكم عند اللقاء بها قعص
1 / 25