فانظر إلى الولدين من أدناهما ... شبهًا بوالدهِ فذاك الماجدُ
أين العيونُ في الخدود نفاسةً ... ورياسةً لولا القياسُ الفاسدُ
وقال أحمد بن يونس الكاتب ردًا عليه:
يا من يشبِّهُ نرجسًا بنواظر ... دعجٍ تنبَّه إنّ فهمك راقدُ
إنَّ القياسَ لمن يصحُّ قياسه ... بين العيونِ وبينه متباعدُ
والورد أشبهُ بالخدود حكاية ... فعلامَ نجحد فضله يا جاحدُ
ملكٌ قصير عمره مستأهلٌ ... تخليده لو أنَّ حيًا خالدُ
إن قلت أنّ الورد فردٌ في اسمه ... ما في الملاح له سميٌّ واحد
فالشمس تفرد باسمها والمشتري والبدر يشرك في اسمه وعطارد
أو قلتَ: إنَّ كوكبًا ربتهما ... بحيا السَّحابِ كما يربي الوالدُ
قلنا: أحقُّهما بطبعِ أبيه في الج؟ ... دوى هو الزَّاكي النَّجيب الراشدُ
زهر النجومِ تروقنا بضيائِها ... ولنا منافعُ بعد ذا وعوائدُ
وكذلك الوردُ الأنيقُ يروقنا ... وله فضائلُ جمّةٌ وفوائد
وخليفهُ إذا غاب ناب بنفحهِ ... وبنفعه أبدًا مقيم راكد
إنْ كنتَ تنكرُ ما ذكرنا بعدما ... وضحتْ عليه دلائلٌ وشواهد
فانظر إلى المصفَرِّ لونًا منهما ... وافطن فما يصفَّرُ إلاّ الحاسد
هذا ومن غيره ما اختير، وإنما ألمع هنا باليسير.
وقال ابن الرومي في جملة الروض:
أصبحتْ الدُّنيا تسرُّ من نظر ... بمنظرٍ فيه جلاءٌ للبصر
أثنت على الله بآلاء المطر ... واهًا لها مصطنعًا لقد شكر
فالأرض في روضٍ كأفوفا الحبرْ ... تبرَّجتْ بعد حياءٍ وخفرْ
تبرُّجَ الأنثى تصدَّت للذَّكر
وقال ابن المعتز:
جلا لنا وجهَ الدُّجى عن منظرٍ ... كالعصبِ أو كالوشي أو كالجوهرِ
من أبيضٍ وأصفرٍ وأحمرٍ ... وطارفٍ أجفانه لم ينظر
تخاله العينُ فمًا لم يفغرِ ... وفاتقٍ كاد ولم يُنوَّر
كأنَّه مبتسمٌ لم يكشِرِ ... وأدمع الغدرانِ لم تكدَّرِ
كأنَّها دراهمٌ في معثر ... أو كعشور المصحف المعشرِ
والأرضُ ريّا ذات عودٍ أخضرٍ ... فيه النَّدى مستوقفٌ لم يقطرِ
كدمعةٍ حائرةٍ في محجر
وقال أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان:
وجلَّنارٍ مشرقٍ ... على أعالي شجره
كأنَّ في رؤوسه ... أحمره وأصفره
قراضةً من ذهبٍ ... في خرقٍ معصفره
وقال أبو القاسم محمد بن هانئ يصف نوارة رمان قطعت ولم تتفتح:
وبنتِ أيكٍ كالشَّباب النَّضرِ ... كأنَّها بين الغصونِ الخضرِ
جنان بازٍ أو جنانُ صقرِ ... قد خلقته لقوةٌ بوكرِ
كأنَّما مجَّت دمًا من نحر ... أو سقيت بجدول من خمرِ
أو نبتتْ في تربةٍ من جمرِ ... لو كفَّ عنها الدّهرُ صرفَ الدَّهرِ
جاءت بمثلِ النَّهدِ فوق الصَّدرِ ... تفترُّ عن مثل اللّثات الحمرِ
في مثلِ طعم الوصلِ بعد الهجر
وقال الأمير أبو الفضل عبيد الله الميكالي في حديقة ريحان:
أعددت محتفلًا ليومِ فراغي ... روضًا غدا إنسانَ عينِ الباغي
روضٌ يروضُ همومَ قلبي حسنُهُ ... فيه لكأسِ اللَّهو أيُّ مساغِ
وإذا بدت قضبانُ ريحانٍ به ... حيَّت بمثل سلاسل الأصداغ
وقال في النرجس:
وما ضمَّ شملَ اللهو يومًا كنرجسٍ ... يقومُ بعذرِ اللَّهو عن خالع العذرِ
فأحداقهُ أقداحُ تبرٍ وساقهُ ... كقامةِ ساقٍ في غلائله الخضرِ
وقال الوكيعي في المشمش:
بدا مشمشُ الشجارِ يذكو شهابهُ ... على خضر أغصانٍ من الريِّ ميَّدِ
حكى وحكت أشجارهُ في اخضرارها ... جلاجلَ تبرٍ في قبابِ زبرجدِ
وقال في الباقلاء:
كأنَّ أوراق وردٍ ... للباقلاء بهيَّه
خواتمٌ من لجينٍ ... فصوصها حبشيّه
وقال فيه أيضًا:
نوَّرَ الباقلاء نورًا ظريفًا ...
جلَّ في حسنهِ عن الإشكال
قد حكى وردهُ لنا إذ تبدَّى ... شررَ الرُّوم ضمِّخاْ بغوالِ
وقال في الطلع:
وطلعٍ هتكنا عنه جيبَ قميصه ... فيا حسنه من منظرٍ حين هُتِّكا
1 / 15