قالَ شيخُنا: «يعني: إنَّ الخَبرِ الذي ينقلهُ، وفيهِ إخبارٌ ببعضِ ما يأتي، قد لا يقعُ كما في الخبرِ؛ لِكونهم قَد بدَّلوهُ، ولَم يطلعْ كَعبٌ على ذَلِكَ، لا أنَّهُ نَفسهُ يكذبُ، فإنهُ ثقةٌ مأمونٌ ﵀».
قلتُ: فَإنْ قِيل: كيفَ يؤخَذُ عن بني إسرائيلَ، أو يُنقلُ مِن كتبهم، وَقد رَوَى البُخاريُّ في التفسيرِ (١) والاعتصامِ (٢) مِن "صَحيحهِ" عَن أبي هُريرةَ ﵁ قالَ: «كانَ أهلُ الكتابِ يَقرؤونَ التوراةَ بالعبرانيةِ، ويفسرونَها بالعربيةِ لأهلِ الإسلامِ، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «لا تُصَدِقوا أهلَ الكِتابِ، ولا تكذبوهُم، و﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ..﴾ (٣) الآية». وللبغويِّ في تفسيرِ قولهِ تَعالى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (٤) بسندٍ لا بأسَ بهِ / ١٠٩ أ / عن أبي نَملةَ الأنصاريِّ ﵁: أنَّهُ بينَا هوَ جالِسٌ عندَ النَبي ﷺ جاءهُ رَجل مِن اليَهودِ، وَمُرَّ بجنازةٍ، فقالَ: يا مُحمَّدُ، هل تتكلمُ هَذهِ الجَنازةُ؟ فقالَ رسولُ الله ﷺ
: «اللهُ أعلمُ»، فقالَ اليَهوديُّ: إنها تتَكلمُ، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «مَا حدّثكُم بهِ أهلُ الكتابِ فلا تصدقُوهم، ولا تكذبوهُم، وقولوا: آمنَّا باللهِ وَكُتبهِ وَرسُلهِ، فإنْ كانَ باطلًا لَم تُصدقوهُ، وإنْ كانَ حَقًا لم تكذبوهُ» (٥).
(١) صحيح البخاري ٦/ ٢٥ (٤٤٨٥).
(٢) صحيح البخاري ٩/ ١٣٦ (٧٣٦٢).
(٣) البقرة: ١٣٦.
(٤) العنكبوت: ٤٦.
(٥) تفسير البغوي (١٦٣٣)، وهو في "شرح السنة" كذلك (١٢٤).
والحديث في: جامع معمر (٢٠٠٥٩)، ومسند أحمد ٤/ ١٣٦، وسنن أبي داود
(٣٦٤٤)، وصحيح ابن حبان (٦٢٥٧)، ومعجم الطبراني الكبير ٢٢/ (٨٧٤) و(٨٧٥) و(٨٧٨) و(٨٧٩)، وسنن البيهقي الكبرى ٢/ ١٠.