370

Al-nukat fī al-Qurʾān al-karīm (fī maʿānī al-Qurʾān al-karīm wa-iʿrābih)

النكت في القرآن الكريم (في معاني القرآن الكريم وإعرابه)

Editor

د. عبد الله عبد القادر الطويل

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Genres

Qur’an
وقيل؛ إن ﴿مِثْلَ مَا﴾ حال من مضمر في ﴿حقٌ﴾؛ لأنه وإن كان مصدرًا فهو في موضع اسم الفاعل، واسم الفاعل يتضمن الضمير، نحو قولك؛ هذا زيد قائم، ففي (قائم) ضمير، ألا ترى أنك لو أجريت (قائمًا) على غير من هو له لأظهرت الضمير؛ فقلت: هذا زيد قائمًا أبوه، وقائم أبوه، إن شئت، فـ (الهاء) في (أبوه) هو الضمير الذي كان في (قائم)، ولم يبق في (قائم) ضمير.
والوجه الثالث: أنه منصوب على المصدر، كأنه قيل؛ إنه لحق حقًا كنطقكم، وهو قول الفراء، وزعم أن العرب تنصبها إذا رفع بها اسم، فيقولون؛ مثل من عبد الله ويقولون: عبد الله مثلك، وأنت مثله، وعلة النصب فيها؛ أن الكاف قد تكون داخلة عليها فتنصب إذا ألقيت الكاف، قال؛ فإن قال قائل؛ أفيجوز أن نقول: زيد الأسد شدة، فتنصب (الأسد) إذا ألقيت الكاف؟ قلت: لا، وذلك أن (مثل) تؤدي عن الكاف والأسد، ولا يؤدي عنها، ألا ترى قول الشاعر:
وزعت بكا لهراوة أعوجي إذا ونت الركاب جرى وثابا
أن الكاف قد أجزأت عن (مثل)، وأن العرب تجمع بينهما، فيقولون: زيد كمثلك، وقال الله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، قال: واجتماعهما دليل على أن معناهما واحد.
وهذا لا يجوز عند البصريين، و(الكاف) هاهنا زائدة، وإنما لم يجز عندهم؛ لأنه لا ناصب هنالك وإنما ينصب الاسم إذا حذف منه حرف الجر إذا كان قبله فعل ينصبه، نحو قولك: أمرتك الخير، أنت تريد: أمرتك بالخير، وأنت إذا قلت: إنه لحق كمثل ما أنكم تنطقون، فحذفت الكاف لم يبق ما ينصب (مثل)؛ لأنه فعل هنالك، وإنما قبله (حق) وهو مصدر، والمصدر لا يعمل في المصدر إلا أن يضمر له فعل تقديره: إنه لحق يحق حقًا مثل نطقكم، ثم حذفت الفعل والمصدر جميعًا وأقمت نعت المصدر مقامه، فهذا يجوز على هذا التقدير.

1 / 463