الفصل الأول في بيان شرطه فيه
اعْلَم -علَّمني الله وإيَّاك- أن البُخَاري لم يُوجد عنه تصريح بشرط معين، وإنما يُوجد ذَلِكَ من معنى تَسْمِيتهِ للكتاب، وبالاستقراء من تصرفه.
فأمَّا أولًا: فإنه سَمَّاه الجامع الصحيح المُسْنَد المُخْتَصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيّامهِ.
فعرفنا بقوله: (الْجَامع) أنه لم يختص بصنف دون صِنْف، ولهذا أورد فيه الأحكام والفضائل، والأخبار المحضة عن الأمور الماضية والأمور الآتية، وغير ذَلِكَ من الآداب والرَّقائق.
وبقوله: (الصحيح) أنه ليس فيه شيء ضعيف عنده، وإن كَانَ فيه مواضع قد انتقدها غيره، وحَصَل الإعتناء بالجواب عن ذَلِكَ في مُقدِّمة الشرح الكبير، ويُصَرح بذلك قوله: "ما أدخلتُ في الجامع إلا ما صَحَّ" (١).
وبقوله: (الْمُسْنَد) أن مقصوده الأصلي: تخريج الأحاديث الَّتِي اتصل إسْنَادها ببعض الصحابة عن النبي ﷺ، سواء كانت من قول النبي ﷺ أو فعله أو تقريره، وأن ما وقع ما (٢) في الكتاب مما يُخالف ذَلِكَ؛ إنما وقع فيه تبعًا وعَرَضًا لا أصلًا مقصودًا، فهذا ما عُرف من كلامه.
_________
(١) رواه ابن عدي في كتابه "من روى عنهم البخاري في الصحيح" (١/ ٦٢)، وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (٣/ ٩٦٢) من طريق ابن عدي.
(٢) كذا بالأصل، ولعلها زائدة.
1 / 75