٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂: أَن الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ ﵁ سَأَل رَسُولَ الله ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! كيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "أَحْيَانًا يَأْتِيني مِثلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ -وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ- فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُني فَأَعِي مَا يَقُولُ".
قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: وَلَقَدْ رَأَيْته يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ في الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِن جَبِينه لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عبد الله بن يوسف) هو: التِّنِّيسِيُّ، وهو من أَجَلِّ مَن يروي المُوَطَّأ عن مَالك.
قوله: (أن الحارث بن هشام) هو: المَخْزُومِيُ ﵁، وهو أخو أبي جَهْل -لعنه الله-.
قوله: (سأل) يُحتمل أنْ تكون عائشة حضرته إذْ سَأل عن ذَلِكَ، ويُحتمل أن يكون الحارث أخبرها بذلك وأَوْرَدته في هذه السِّياقة بصورة الإرسال فيُحكم له بِحُكم الوَصْل؛ لأنه عَلى الأول ظاهر الاتصال، وَعَلى الثاني مُرْسَلُ صحابيٍّ، وقد ثبت الثاني في مسند أحْمَد (١)، ومُعجم البَغَوي وغيرهما.
قوله: (أحيانًا) مَنْصوب عَلى الظَّرْف.
قوله: (يأتيني مثل صَلْصَلَة الجَرَس).
يريد: أنه صَوت مُتَدارك يسمعه ولا يَتَبَيَّنه أول ما يَقْرعُ سمعه، ثم يفهمه بعد، ولهذا عَبَّر عنه بالشدة؛ لأنه يَشْغله عن حواسه، وفي حديث عُمر عند أبي داود (٢): "كُنَّا