Najʿat al-rāʾid wa-shirʿat al-wārid
نجعة الرائد وشرعة الوارد
Publisher
مطبعة المعارف
Publisher Location
مصر
Genres
Literature
وَنَضَبَ مَعِين اِصْطِبَارِه.
وَقَدْ خَانَهُ الصَّبْر، وَأَسْلَمَهُ الْجَلَد، وَبَاتَ رَهِين الْبَلابِل، وَنُجِّيَ الْوَسَاوِس، وَقَدْ اِسْتَسْلَمَ لِلْوَجْدِ، وَاسْتَكَانَ لِلْعَبْرَةِ، وَأَخْلَدَ إِلَى الشُّجُونِ، وَبَاتَ لا يَمْلِكُ دَمْعه، وَلا يَمْلِكُ قَلْبه، وَلا يَتَمَالَكُ مِنْ الْوَجْدِ وَلا يَتَمَاسَكُ مِنْ الْكَرْبِ، وَلا يَتَقَارّ مِنْ الْجَزَعِ، وَرَأَيْته قَائِمًا عَلَى رَجُل وَقَدْ ضَاقَتْ بِهِ الْمَذَاهِب، وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَسَالِك، وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الأَرْض بِرَحَبِهَا، وَأَمْسَى مِنْ الْكَرْبِ فِي أَضْيَقِ مِنْ كِفَّة حَابِل، وَأَضْيَق مِنْ سَمِّ الْخِيَاطِ، وَأَضْيَق مِنْ بَيَاض الْمِيم.
وَرَأَيْته حَائِر الطَّرْفِ، مُدَلَّه الْعَقْل، ذَاهِب الْقَلْبِ، مُسْتَطَار الْفُؤَاد، مُزْدَهِف اللُّبّ، وَقَدْ هَفَا فُؤَادُهُ جَزَعًا، وَطَارَ قَلْبُهُ شُعَاعًا، وَذَهَبَتْ نَفْسه شُعَاعًا، وَتَسَاقَطَتْ نَفْسه حَسْرَة، وَكَادَتْ تَزْهَقُ نَفْسه مِنْ الْهَلَعِ، وَكَادَ يُقْضَى عَلَيْهِ مِنْ الْغَمِّ.
وَقَدْ شُخِصَ بِالرَّجُلِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَيْ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا أَقْلَقَهُ، وَوَرَدَ عَلَيْهِ
1 / 217