مولاي الذي له المِنَن، والخَلْقُ الجميلُ والخُلُق الحسن، والمجد الذي وضح منه السَّنَنْ، كتبه عبدُكَ مهنئًا بِنِعَمِ الله التي أفاضها عليك، وجلبها إليك، من اجتماع شملك، بنجلك، وقضاء دَيْنِك، من قرَّةِ عينك، إلى ما تقدَّمَ من إفلاتِك، وسلامة ذاتك، وتمزُّق أعدائك، وانفرادك بأَوِدَّائِك، والزمن ساعةٌ أو أقْصَر، لا بل كَلَمْحِ البصر، وكأني بالبساط قد طَوِي، والتراب على الكل قد سُوِّي، فلا تَبْقَى غبطةٌ ولا حسرة، ولا كُربة ولا مَسَرَّة، وإذا نظرتَ ما كنتَ فيه، تَجِدُكَ لا تنالُ منه إلا أكلةً وفراشًا، وَكِنًّا ورياشًا، مع تَوَقُّعِ الوقائع، وارتقابِ الفجائع، ودُعاء المظلوم، وصُدَاع الجائع، فقد حَصَل ما كان عليه التّعَب، وأُمِنَ الرَّهَب، وَوَضِحَ للأجر المَذْهَب، والقدرةُ باقية، والأدعية راقية، وما تدري ما تحكم به الأقدار، ويتمخض عنه الليل والنهار، وأنت اليومَ على زمانك بالخيار، فإِن اعتبرتَ الحال، واجتنبتَ المحال، لم يَخْفَ عليك أنك اليومَ خَيْرٌ منك أمس، من غير شك ولا لَبْس، وكان من أملي التوجُّهُ إلى رؤية ولدكم لكن عارضتني موانع، ولا ندري في الآتي ما الله صانع، فاسْتَنَبْتُ هذه في تقبيل قَدَمِه، والهناءِ بمقدمه. والسلام.
وخاطبت الشيخ الجليل الوفي أبا الحسن علي بن بدر الدين بن موسى بن رَحُّو ابن عبد الله بن عبد الحق وقد وصل مُزْعَجًا عن الأندلس بسبب ما تقدم من وفائه واستقر بمدينة فاس، وبيني وبينه صداقة توجب النُّصح، وتقتضي الشفقة:
يا جُمْلَةَ الفَضْلِ والوَفَاء ... ما بمعاليكَ مِنْ خَفَاءِ
عنديَ بالوُدِّ فيك عَقْدٌ ... صحَّحَه الدهرُ باكتفاء
ما كنتُ أَقْضِي عُلاَكَ حقًا ... لو جئتُ مدحًا بكل فاءِ
فَأَوْلِ وَجْهَ القَبُولِ عُذْرِي ... وجَنِّبِ الشكَّ في صَفَاءِ
1 / 38